الصديق رضياللهعنه في مقام التحقيق نصبه صلّى الله عليه وسلّم لامامة الأنام مدة مرضه في الليالي والأيام ، ولذا قال أكابر الصحابة : رضيه لديننا أفلا نرضاه لدنيانا! ثم إجماع جمهورهم على نصبه للخلافة ومتابعة غيرهم أيضا في آخر أمرهم ، ففي الخلاصة رجلان في الفقه والصلاح سواء ، إلاّ أن أحدهما أقرأ ، فقدّم أهل المسجد الآخر فقد أساؤا ، وكذا لو قلدوا القضاء رجلا وهو من أهله وغيره أفضل منه ، وكذا الوالي. وأمّا الخليفة فليس لهم أن يولوا الخلافة إلاّ أفضلهم ، وهذا في الخلفاء خاصة ، وعليه إجماع الامة » (١).
وقد نص شاه ولي الله الدهلوي على لزوم أفضلية الخليفة ، ولهذا ألف كتاب ( قرة العينين في تفضيل الشيخين ).
ويدل إباء الحارث بن النعمان الفهري عن قبول كون أمير المؤمنين عليهالسلام « المولى » ـ حتى أنه دعا على نفسه بقوله : اللهم إن كان هذا حقا ... ـ على أن مدلول قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « من كنت مولاه فعلي مولاه » أمر عظيم ومنصب جسيم لم ينله أحد أبدا ، ولو كان المراد من « المولى » هو « الناصر » أو « المحب » أو غير ذلك لما كان يمتنع الحارث عن قبول ذلك ، ولما صعب عليه الخضوع له والإذعان به.
ولما كان حديث نزول الآية الكريمة : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) في شأن الحارث بن النعمان الفهري في واقعة حديث الغدير ، من أوضح الأدلة والبراهين على دلالة حديث الغدير على إمامة أمير
__________________
(١) شرح الفقه الأكبر ١١٣ ـ ١١٤.