قلنا : فما يقولون في حق صحابة يقولون بعدالتهم كابن عباس والبراء بن عازب ، وكأبي سعيد الخدري القائل بهذا القول ـ كما في تفسير النيسابوري ، وسنذكر عبارته ـ وعبد الله بن مسعود كما ستعلم فيما بعد؟
فالحاصل : إن الرازي يعترف بأن القول بنزول الآية في فضل أمير المؤمنين عليهالسلام يوم الغدير هو قول ابن عباس والبراء والامام الباقر ، وإن كان لا يرتضي هذا القول ولا يعتمد عليه تعصبا وعنادا.
وقد بالغ بعض علماء أهل السنة في الثناء على هذا المتعصب العنيد :
١ ـ فقد ترجم له ابن خلكان بقوله : « أبو عبد الله محمّد بن عمر بن الحسين ابن الحسن بن علي ، التيمي ، البكري ، الطبرستاني [ الأصل ] الرازي المولد ، الملقب فخر الدين ، المعروف بابن الخطيب ، الفقيه الشافعي. فريد عصره ونسيج وحده ، فاق أهل زمانه في علم الكلام والمعقولات وعلم الأوائل ، له التصانيف المفيدة في فنون عديدة ، منها تفسير القرآن الكريم ، جمع فيه كل غريب وغريبة ، وهو كبير جدّا لكنه لم يكمله ... وكل كتبه ممتعة.
وانتشرت تصانيفه في البلاد ورزق فيها سعادة عظيمة ، فإن النّاس اشتغلوا بها ورفضوا كتب المتقدمين ، وهو أول من اخترع هذا الترتيب في كتبه ، وأتى فيها بما لم يسبق إليه ، وكان له في الوعظ اليد البيضاء ، ويعظ باللسانين العربي والعجمي ، وكان يلحقه الوجد في حال الوعظ ويكثر البكاء ، وكان يحضر مجلسه بمدينة هراة أرباب المذاهب والمقالات ، ويسألونه وهو يجيب كل سائل بأحسن إجابة ، ورجع بسببه خلق كثير من الطائفة الكرامية وغيرهم إلى مذهب أهل السنة ، وكان يلقب بهراة شيخ الإسلام ... وكان العلماء يقصدونه من البلاد وتشدّ إليه الرحال من الأقطار ... » (١).
__________________
(١) وفيات الأعيان ٣ / ٣٨١ ـ ٣٨٥.