ويتضح بطلان نسبة القول بجواز ذلك إلى أبي زيد فحسب من كلام الفخر الرازي ـ الذي هو الأصل في هذه الشبهات ـ ، إذ تقدّم في البحوث السابقة نقله تفسير ( المولى ) بـ ( الأولى ) عن جماعة من أئمة اللغة والأدب ، كأبي عبيدة والأخفش والزجّاج والرمّاني وابن الأنباري.
هذا كلّه ... مع أنه لو فرض أنّ أحدا من أئمة اللغة لم يجوّز ذلك ، إلاّ أبا زيد اللغوي ، فإن قول أبي زيد وحده يكفينا في الاستدلال ، وبه يتمّ مرام أهل الحق لوجوه عديدة نذكرها باختصار :
الوجه الأول :
قال السيوطي : « النوع الخامس : معرفة الأفراد ، وهو : ما انفرد بروايته واحد من أهل اللغة ، ولم ينقله أحد غيره ، وحكمه القبول إن كان المتفرّد به من أهل الضبط والإتقان ، كأبي زيد ، والخليل ، والأصمعي ، وأبي حاتم ، وأبي عبيدة وأضرابهم وشرطه أن لا يخالفه فيه من هو أكثر عددا منه ، وهذه نبذة من أمثلته :
فمن افراد أبي زيد الأوسي الأنصاري قال في الجمهرة : المنشبة : المال.
هكذا قال أبو زيد ولم يقله غيره. وفيها : رجل ثط. ولا يقال أثط. قال أبو حاتم قال أبو زيد مرة : أثط. فقلت له : أتقول أثط؟ فقال : سمعتها. والثطط خفّة اللّحية في العارضين ... » (١).
فلو سلّمنا انفراد أبي زيد برواية مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) ، فإنّ حكمه
__________________
(١) المزهر في اللغة ١ / ٧٧.