و « أولى » بمعنى واحد في اللغة لصحّ استعمال كل واحد منهما في مكان الآخر ، فكان يجب أن يصح أن يقال : « هذا مولى من فلان » كما يقال : « هذا أولى من فلان » ويصح أن يقال : « هذا أولى فلان » كما يقال : « هذا مولى فلان ». ولما بطل ذلك علمنا أن الذي قالوه معنى وليس بتفسير.
وإنما نبّهنا على هذه الدقيقة لأن الشريف المرتضى لمّا تمسّك في إمامة علي بقوله [ عليهالسلام ] : « من كنت مولاه فعلي مولاه » قال : أحد معاني « مولى » أنه « أولى » واحتج في ذلك بأقوال أئمة اللغة في تفسير هذه الآية بأن مولى معناه أولى. وإذا ثبت أن اللفظ محتمل له وجب حمله عليه ، لأن ما عداه إمّا بيّن الثبوت ككونه ابن العم والناصر ، أو بيّن الانتفاء كالمعتق والمعتق ، فيكون على التقدير الأول عبثا ، وعلى التقدير الثاني كذبا.
وأمّا نحن فقد بيّنا بالدليل أن قول هؤلاء في هذا الموضوع معنى لا تفسير ، وحينئذ يسقط الاستدلال » (١).
ولكن ما أسلفنا من البحوث كاف لإسقاط وإبطال هذا الكلام ، على أنه قد بلغ من السقوط والهوان حدّا لم يتمكن النيسابوري من السكوت عليه ، بالرغم من متابعته للرازي في كثير من المواضع ، قال النيسابوري ما نصه : « هي مولاكم قيل : المراد أنها تتولى أموركم كما توليتم في الدنيا أعمال أهل النار. وقيل أراد هي أولى بكم ، قال جار الله : حقيقته هي محراكم ومقمنكم. أي مكانكم الذي يقال فيه هو أولى بكم ، كما قيل : هو مئنة الكرم ، أي مكان لقول القائل إنه لكريم.
قال في التفسير الكبير : هذا معنى وليس بتفسير اللفظ من حيث اللغة ، وغرضه أن الشريف المرتضى لمّا تمسّك في إمامة علي بقوله صلّى الله عليه وسلّم :
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٩ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨.