نبيّن مواضع بطلانها :
« الوجه الثالث ـ أن نقول : في نفس هذا الحديث ما يدل على أنه كذب من وجوه كثيرة ، فإنّ فيه أن رسول الله لمّا كان بغدير يدعى خمّا نادى الناس فاجتمعوا ، فأخذ بيد علي وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وإن هذا شاع وطار بالبلاد ، وبلغ ذلك النعمان بن الحارث الفهري ، وأنه أتى النبي على ناقة وهو بالأبطح ، وأتى وهو في ملأ من أصحابه ، فذكر أنهم قبلوا أمره بالشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج ، قال : لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضّله علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وهذا منك أو من الله؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : هو من أمر الله ، فولّى الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله وأنزل الله : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ ) الآية.
فيقال لهؤلاء الكذابين : أجمع الناس على أن ما قاله النبي صلّى الله عليه وسلّم بغدير خم كان حين مرجعه من حجة الوداع ، والشيعة تسلّم هذا وتجعل ذلك اليوم عيدا ، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة والنبي بعد ذلك لم يرجع إلى مكة ، بل رجع من حجة الوداع إلى المدينة ، وعاش تمام ذي الحجة والمحرم والصفر ، وتوفي في أوّل ربيع الأوّل.
وفي هذا الحديث يذكر أنه قال هذا بغدير خم ، وشاع في البلاد ، وجاء الحارث وهو بالأبطح والأبطح بمكة. فهذا كذب جاهل لم يعلم متى كانت قصة غدير خم.
وأيضا : فإنّ هذه السورة ـ سورة سأل سائل ـ مكيّة باتفاق أهل العلم ، نزلت بمكة قبل الهجرة ، فهذه نزلت قبل غدير خم بعشر سنين أو أكثر من ذلك ، المؤمنين عليهالسلام ، لم يجد ابن تيمية سبيلا إلى الجواب عنه إلاّ تكذيبه ، وهذا وجه آخر يؤكّد دلالة هذا الحديث على المطلوب ، ولنذكر عين عبارة ابن تيمية ثم