فكيف يكون نزلت بعد ذلك؟
وأيضا فقوله تعالى : ( وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ ) في سورة الأنفال ، وقد نزلت عقيب بدر بالاتفاق ، قبل غدير خم بسنين كثيرة.
وأيضا : فأهل التفسير متفقون على أنها نزلت بسبب ما قاله المشركون للنبي بمكة قبل الهجرة ، كأبي جهل وأمثاله ، وإنّ الله ذكّر نبيه بما كانوا يقولونه ( وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ ) أي أذكر قولهم اللهم. كقوله : ( وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ ) ونحو ذلك. فأمر بأن يذكر ما تقدم. فدلّ على أن هذا القول كان قبل نزول هذه السورة.
وأيضا : فإنّهم لمّا استحقوا من الله أنه لا ينزل عليهم العذاب ومحمّد صلّى الله عليه وسلّم فيهم فقال تعالى : ( وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) قال الله تعالى : ( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) واتفق الناس على أن أهل مكة لم ينزل عليهم حجارة من السّماء لما قالوا ذلك.
وأيضا : فلو كان هذا آية لكان من جنس آية أصحاب الفيل ، ومثل هذا ما تتوافر الهمم والدواعي على نقله ، ولو أن الناقل طائفة من أهل العلم ، ولمّا كان هذا لا يرويه أحد من المصنفين في العلم لا المسند ولا الصحيح ولا الفضائل ولا التفسير ولا السير ونحوها ، إلاّ ما يروى بمثل هذا الاسناد المنكر علم أنه كذب باطل.
وأيضا : فقد ذكر في هذا الحديث إن هذا القائل آمن بمباني الإسلام الخمس ، وعلى هذا فقد كان مسلما لأنه قال : فقبلناه منك ، ومن المعلوم بالضرورة أن أحدا من المسلمين على عهد النبي لم يصبه هذا.
وأيضا : فهذا الرجل لا يعرف في الصحابة ، بل هو من جنس الأسماء التي