القرينة الصارفة عن المعاني اللغوية ، وعدم قرينة أخرى معينة للآخر.
وأنت خبير بأنّه لا يكاد يصح هذا ، إلّا إذا علم أن العلاقة إنّما اعتبرت كذلك ، وأنّ بناء الشارع في محاوراته ، استقر عند عدم نصب قرينة أخرى على إرادته ، بحيث كان هذا قرينة عليه ، من غير حاجة إلى قرينة معينة أخرى ، وأنّى لهم بإثبات ذلك.
______________________________________________________
الأوّل.
وذكر المحقّق النائيني قدسسره النزاع بوجه آخر ـ بناء على كون استعمالات الشارع بنحو المجاز ـ وهو أن يكون النزاع في مقتضى الأدلّة الدالّة على الحقيقة عند المتشرّعة من التبادر وغيره ، وفي أنّها دالّة على كون الألفاظ حقيقة عند المتشرّعة في خصوص الصحيح أو في الأعم ، وحيث إنّ المعنى الحقيقي (أي المسمّى بلفظ الصلاة) عندهم كاشف عن المراد الشرعي عند الإطلاق الذي هو مجاز عنده ـ حسب الفرض ـ ، فإنّ منشأ هذه الحقيقة ذلك المجاز ، فيتعيّن بتعيينها (١).
ولا يخفى ما فيه أيضا ، فإنّه لا تكون ثمرة البحث مترتبة على ما ذكره ، وذلك لأنّه لو ثبت مثلا أنّ الحقيقة المتشرعية هي الأعم ، وعلم أيضا أنّ منشأ هذا استعمال الشارع اللفظ فيه مجازا ، فلا يمكن إثبات أنّ الشارع لم يكن يستعمل اللفظ في الصحيح أصلا ، ولو في بعض الأحيان ؛ ليكون المعنى الأعم متعينا في كلامه فيما إذا أحرزنا أنّه لم يرد في الاستعمال المزبور معناه اللغوي ، فإنّا نحتمل أن يكون صيرورة اللفظ حقيقة في الأعمّ عند المتشرّعة لشيوع استعمال اللفظ عندهم في المعنى الأعمّ من غير سبق هذا الشيوع في استعمالات الشارع بل كان ديدنه نصب القرينة
__________________
(١) فوائد الأصول : ١ / ٥٩.