وقد انقدح بما ذكرنا تصوير النزاع ـ على ما نسب إلى الباقلّاني [١] ـ وذلك بأن يكون النزاع ، في أن قضية القرينة المضبوطة التي لا يتعدى عنها إلّا بالأخرى ـ الدالة على أجزاء المأمور به وشرائطه ـ هو تمام الأجزاء والشرائط ، أو هما في الجملة ، فلا تغفل.
ومنها : أنّ الظّاهر أنّ الصحة عند الكل بمعنى واحد ، وهو التمامية ، وتفسيرها بإسقاط القضاء ـ كما عن الفقهاء ـ أو بموافقة الشّريعة ـ كما عن المتكلمين ـ أو غير ذلك ، إنّما هو بالمهم من لوازمها [٢] ، لوضوح اختلافه بحسب اختلاف الأنظار ،
______________________________________________________
على إرادة كل منهما.
[١] وتقريره : أنّه بناء على المنسوب إلى الباقلّاني وإن كانت تلك الألفاظ مستعملة في كلام الشارع في معانيها اللغوية دائما وإنّما الخصوصيات التي لها دخل في المأمور به من الأجزاء والشرائط مستفادة من دالّ آخر ، إلّا أنّه لم تكن الدلالة عليها دائما بذكرها تفصيلا ، فلم يكن يقول دائما : صلّوا ، واركعوا ، واسجدوا ، وكبّروا ، إلى غير ذلك ، بل كان ينصب على تلك الخصوصيات دالّا يدلّ عليها بالإجمال ، أي بنحو دلالة لفظ الدار على أجزائها ، فيقع البحث في أنّ ذلك الدالّ عليها بالإجمال المعبّر عنه بالقرينة المضبوطة كان دالّا على عدّة منها كما في دلالة لفظ الصلاة عليها على القول بالأعمّ أو كان دالّا على جميعها ، كما لو قيل بوضعها للصحيح ، ولا يخفى أنّ هذا التصوير لم يعلم مما ذكره قبل ذلك ، فلا يظهر وجه لقوله قدسسره : «وقد انقدح بما ذكرنا».
[٢] لا يخفى أن إسقاط القضاء أو موافقة الشريعة وإن كانا من اللوازم ، إلّا أنهما من لوازم صحّة المأتيّ به ، بمعنى مطابقته لمتعلّق الأمر ، وكلامنا في المقام في صحّة المتعلق لا المأتيّ به ، حيث إنّ صحّة المأتي به تكون بعد تعلّق الأمر ، وفي مرحلة