وفيه : إنّه من المقطوع أن مثل الناطق قد اعتبر فصلا بلا تصرف في معناه أصلا ، بل بماله من المعنى ، كما لا يخفى.
والتحقيق أن يقال : إن مثل الناطق ليس بفصل حقيقي ، بل لازم ما هو الفصل وأظهر خواصه ، وإنّما يكون فصلا مشهوريا منطقيا يوضع مكانه إذا لم يعلم
______________________________________________________
لا يدخل فيه الشيء والذات ، كما اختاره الماتن قدسسره فيما يأتي ، ليوافق ما التزم به السيد الشريف ، من بساطة معنى المشتق ، وقد فسر قدسسره «البشرطلا واللابشرط» المذكورين في الفرق بين المبدأ والمشتق بشرط لا ولا بشرط الذاتيّين.
وقد اجيب عن مناقشة السيد الشريف بوجوه :
منها ما ذكره الماتن قدسسره عن صاحب الفصول قدسسره ، وهو عدم لزوم شيء من المحذورين من دخول الذات في معنى المشتق ، فإنّ معنى الشيء الذي يعدّ من العرض العامّ ، داخل في معنى الناطق لغة ، وما جعل فصلا للإنسان هو معناه الاصطلاحي ، ولزوم المحذور من دخول العرض العامّ في معناه الاصطلاحي لا يوجب محذورا من دخوله في معناه اللغوي الذي هو المبحوث عنه في المقام ، وأنّه لو قيل بدخول مصداق الشيء في معنى المشتق لا يلزم انقلاب القضية الممكنة إلى الضرورية ، فإنّ ثبوت الإنسان للإنسان وإن كان ضروريا إلّا أنّ الإنسان مقيّدا بأنّ له الكتابة ، لا يكون ثبوته له ضروريا ؛ لجواز أن لا يكون القيد ضروريا (١).
وقد أورد المصنف رحمهالله على الشقّ الأوّل من الجواب المزبور ، بأنّه غير صحيح ، سواء قيل بدخول معنى الشيء في معنى المشتق ، أو قيل بدخول مصداقه فيه ، فانّ المقطوع به هو أنّ الناطق في عرف المنطقيين قد اعتبر فصلا للإنسان بما له من
__________________
(١) الفصول الغروية : ص ٥٠.