وأما بحسب الاصطلاح ، فقد نقل الاتفاق على أنه حقيقة في القول المخصوص [١] ، ومجاز في غيره ، ولا يخفى أنه عليه لا يمكن منه الاشتقاق ، فإن معناه ـ حينئذ ـ لا يكون معنى حدثيا ، مع أن الاشتقاقات منه ـ ظاهرا ـ تكون بذلك المعنى المصطلح عليه بينهم ، لا بالمعنى الآخر ، فتدبر.
______________________________________________________
أقول : هذا الكلام أيضا لا يمكن المساعدة عليه ، فإنّ لفظ «أمر» قد يستعمل في موارد لا يصلح لشيء ممّا ذكر ، كما يقال (البياض أمر خارجي ، بخلاف الإمكان فإنّه أمر عقلي) كما أنّ ما ذكر في الكفاية أيضا غير تامّ ، فإنّه لا يصحّ في مثل قوله (سبحانه) (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) وضع لفظ الشيء مكانه.
فالحق في المقام هو أنّه لا يبعد كونه مشتركا في كلّ من الطلب ، والشيء ، والعمل ، بنحو الاشتراك اللفظي ويعيّن المراد بالقرائن في موارد الاستعمال.
وما يقال من أنّ الأمر لا يطلق على الجواهر كما عن السيد الاستاذ (رضوان الله تعالى عليه) (١) ، لا يمكن المساعدة عليه أيضا ؛ فإنّه يقال : (مفهوم الإنسان أمر ذهني وواقعه أمر خارجي).
[١] وحاصله أنّ لفظ «أمر» بحسب اصطلاح الاصوليين ، حقيقة في المعنى الأوّل من المعاني المتقدّمة ، وهو الطلب في الجملة ، وما ذكروا في تعريفه بيان للمعنى الأوّل ، وعليه فيرد عليهم أنّ القول المخصوص لعدم كونه معنى حدثيّا غير قابل للاشتقاق منه ، مع أنّ الاشتقاقات منه بلحاظ معناه الاصطلاحي (أي بلحاظ المعنى الأوّل من المعاني المتقدمة) ، فلا يبعد أن يكون مرادهم في التعريف ـ من القول المخصوص ـ الطلب بالقول المخصوص ، ليمكن الاشتقاق منه. نعم لو ثبت أنّ
__________________
(١) نهاية الاصول : ١ / ٧٥.