.................................................................................................
______________________________________________________
وتقييدها (١). فإنّ التقييد والتضييق وإن كان يحصل في المورد القابل له عند استعمال الحروف في معانيها إلّا أنّه لم يكن بموضوع لها ، بل التضييق والتقييد لازم للمعاني الحرفية في المورد القابل.
لا يقال : ما الفرق بين لفظ «زيد» الحاكي عن مصداق خاصّ للإنسان ، وبين لفظة «في» الحاكية عن مصداق الظرف ، فلو كان مجرّد الحكاية عن مصداق عنوان موجبا لكونه حرفا ، لزم كون معنى لفظ «زيد» أيضا حرفيا.
فإنّه يقال : معنى لفظ «زيد» إخطاري يحكي عن نفس المصداق ولو بعنوان مشير إليه ولا يحكي عن جهة كونه مصداقا لعنوان الإنسان ، بل الحاكي عن هذه الجهة الهيئة التركيبية في قولنا «زيد إنسان» ، وهذا بخلاف لفظة «في» حيث إنّ معناها لا يكون إخطاريا ، ولفظة «في» لا تحكي عن نفس مصداق عنوان الظرف ، بل الحاكي عن نفس المصداق مدخولها ، وهو لفظ الدار ، فيكون مدلول لفظة «في» اتّصاف مدخولها بكونه ظرفا. وبما ذكرناه من معنى الحروف تبيّن صحّة تعريف الحرف بأنّه : ما دلّ على معنى في غيره ، على أن يكون المراد بالغير مدخوله كما ذكرنا ذلك في ناحية وضع الإعراب.
كما تبيّن أيضا أنّ ما اشتهر من عدم المعنى للإعراب ، غير صحيح على إطلاقه ، فإنّ الإعراب وإن لم يكن له معنى إخطاريّ إلّا أنّه إذا دخل على المعرب دلّ على خصوصية في معناه بحسب الوعاء المناسب له ، فما قيل من أنّ الحروف لو كانت كالاعراب في عدم المعنى ، لزم أن يكون معنى مفردات الكلام مساويا لمعنى
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه : ١ / ٧٥.