والخاص والمطلق والمقيد ، أو مثلهما مما كان أحدهما نصا أو أظهر ، حيث إن بناء العرف على كون النص أو الأظهر قرينة على التصرف في الآخر.
وبالجملة : الأدلة في هذه الصور وإن كانت متنافية بحسب مدلولاتها ، إلّا أنها غير متعارضة ، لعدم تنافيها في الدلالة وفي مقام الإثبات ، بحيث تبقى أبناء المحاورة متحيرة ، بل بملاحظة المجموع أو خصوص بعضها يتصرف في الجميع
______________________________________________________
فإنّه يقال : بما أن خطاب الخاصّ أو المقيّد يعدّ قرينة على العامّ أو المطلق ، لكونهما أظهر بالإضافة إلى خطابهما فلا تكون قرينيّة خطاب الخاصّ أو المقيّد مختصّة بمورد دون مورد ، بخلاف ما إذا كانت ملاحظة الخطابين قرينة على التصرف في الآخر ، فإنّه ليس كلّ مورد يكون أحد الخطابين الحكم فيه بالعنوان الأولي والآخر بالعنوان الثانوي يقدّم ما كان الحكم فيه بالعنوان الثانوي على ما كان فيه الحكم بالعنوان الأوّلي ، بل ربما يكون الأمر بالعكس ، فيقدّم ما كان الحكم فيه بالعنوان الأوّلي ، كما إذا ورد في أحد الخطابين : «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه» (١) وورد في خطاب آخر : «لا بأس بخرء الطائر وبوله» (٢) فمقتضى الخطاب الأوّل نجاسة بول الطائر غير المأكول لحمه وهذا بالعنوان الثانوي ، ومقتضى الخطاب الثاني طهارته ، ومع ذلك يقدّم ما دلّ على طهارة بول الطائر ولو كان بالعنوان الأوّلي ، للزوم اللغوية على تقدير تقديم خطاب نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه ، فملاحظة قرينيّة مجموع الخطاب على التصرف في أحدهما المعيّن غير كون أحدهما المعيّن قرينة على الآخر في كلّ مورد.
والمتحصّل أنّه يخرج عن التعارض ما إذا كان العامّ والخاصّ كلاهما ظنيّا من
__________________
(١) وسائل الشيعة ٣ : ٤٠٥ ، الباب ٨ من أبواب النجاسات ، الحديث ٢.
(٢) مستدرك الوسائل ٢ : ٥٦٠ ، الباب ٦ ، الحديث ٢٧٢٢.