لقوة احتمال اختصاص الترجيح بها بمورد الحكومة لرفع المنازعة وفصل الخصومة كما هو موردهما ، ولا وجه معه للتعدي منه إلى غيره ، كما لا يخفى.
ولا وجه لدعوى تنقيح المناط ، مع ملاحظة أن رفع الخصومة بالحكومة في صورة تعارض الحكمين ، وتعارض ما استندا إليه من الروايتين لا يكاد يكون
______________________________________________________
والمرافعة لا يمكن المساعدة عليه ، هذا بالإضافة إلى المقبولة ، وقد ذكرنا في بحث القضاء عدم التوثيق لعمر بن حنظلة ، وأنّ دعوى انجبار ضعفها بعمل المشهور المنكشف عن فتواهم بحرمة ما يأخذه الشخص بالمحاكمة إلى قضاة الجور وإن كان حقّه ثابتا لا يمكن المساعدة عليها ، حيث لم يذكر هذا الحكم إلّا في كلام بعضهم وإن لم يرد هذا في غيرها من الروايات وسمّى بذلك الرواية مقبولة ، ولكن ذكرنا أخيرا أنّ عمر بن حنظلة من المعاريف الذين لم يرد فيهم قدح ، وهذا يوجب اعتبار خبره لكون ذلك يكشف عن حسن ظاهره في عصره.
ثمّ إنّ بعض (١) من التزم باعتبار المقبولة سندا اختار التعدّي من المرجّحات الواردة فيها لأحد الخبرين المتعارضين إلى غيرها ، حيث إنّ تعليل الأخذ بالخبر المشهور فيها بأنّ المجمع عليه لا ريب فيه يراد منه نفي الريب بالإضافة إلى الخبر الشاذ لا نفي الريب حقيقة ، وإلّا لم يكن وجه للأخذ بالشّاذ فيما كان راويه أو الحاكم به أفقه وأصدق من الآخر ؛ لأنّ اعتبار الحكم من الحاكم والفتوى من الفقيه طريقيّ ، لا يعتنى بحكمه وفتواه إذا علم بطلان مستنده ، وأيضا علّل الحكم بالرواية المخالفة للعامّة ؛ بأنّ الرشد في خلافهم ، ومن الظاهر أنّ الرشد والاهتداء بالحق فيه ليس إلّا إضافيّا ، فيلزم اعتبار الأقربيّة في كلّ خبرين متعارضين ولو بلحاظ الإضافة إلى الآخر وبلحاظ أمر آخر.
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ٧٧.