إلى ملاكها من قبيل الحجر في جنب الإنسان ، وكان الترجيح بها بلا مرجح ، وهو قبيح كما هو واضح ، هذا مضافا إلى ما هو في الإضراب من الحكم بالقبح إلى الامتناع ، من أن الترجيح بلا مرجح في الأفعال الاختيارية ومنها الأحكام الشرعية ، لا يكون إلّا قبيحا ، ولا يستحيل وقوعه إلّا على الحكيم تعالى ، وإلّا فهو بمكان من الإمكان ، لكفاية إرادة المختار علة لفعله ، وإنما الممتنع هو وجود الممكن بلا علة ، فلا استحالة في ترجيحه تعالى للمرجوح ، إلّا من باب امتناع صدوره منه تعالى ، وأما غيره فلا استحالة في ترجيحه لما هو المرجوح مما باختياره.
______________________________________________________
الحديث كما هو الحال في موارد النسخ فتدبّر.
وتظهر الثمرة أيضا فيما إذا كان في البين خبر يكون بالإضافة إلى المتعارضين عامّا أو مطلقا ، ولكن كان بالإضافة إلى عموم الكتاب أو إطلاقه خاصّا ، بأن كان ما في الكتاب من العامّ أو المطلق من قبيل العامّ الفوق بالإضافة إلى المتعارضين ، فبناء على مرجعيّة الكتاب يسقط المتعارضان فيؤخذ بالإطلاق أو العموم من الخبر الذي من قبيل العامّ والمطلق من المتعارضين ، وبناء على مرجّحية الكتاب يؤخذ بالخبر الموافق له فيخصّص أو يقيّد الخبر الذي يكون عامّا أو مطلقا بالإضافة إلى المتعارضين ، وقد مثّلنا في الدورة السابقة بالآية المباركة الآمرة بالوضوء عند القيام إلى الصلاة ، وبالروايات الحاصرة لنواقض الوضوء مثل قوله عليهالسلام : «لا ينقض الوضوء إلّا البول والريح والنوم والغائط والجنابة» (١) فإنّ مدلوله عدم انتقاض الوضوء بشيء من غيرها ، وإذا ورد في شيء من غيرها كالمذي كونه ناقضا ، ولكن كان له معارض يدلّ على عدم ناقضيّة المذي ، فبناء على مرجعيّة الكتاب يرجع إلى عموم عدم ناقضيّته في الروايات الحاصرة ، وبناء على المرجّحية يثبت كونه ناقضا أيضا ، فترفع اليد عن إطلاق نفي الناقضيّة في غير
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٣٩٧ ، الباب ١٥ من أبواب الوضوء ، الحديث ١٨.