نعم له الإفتاء به في المسألة الأصولية ، فلا بأس حينئذ باختيار المقلد غير ما اختاره المفتي ، فيعمل بما يفهم منه بصريحه أو بظهوره الذي لا شبهة فيه.
وهل التخيير بدويّ أم استمراريّ؟ قضية الاستصحاب لو لم نقل بأنه قضية الإطلاقات أيضا كونه استمراريا. وتوهم أن المتحير كان محكوما بالتخيير ، ولا تحير له بعد الاختيار ، فلا يكون الإطلاق ولا الاستصحاب مقتضيا للاستمرار ، لاختلاف الموضوع فيهما ، فاسد ، فإن التحير بمعنى تعارض الخبرين باق على حاله ، وبمعنى آخر لم يقع في خطاب موضوعا للتخيير أصلا ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
واقعيّ للخبرين مطلقا أو مع عدم ثبوت الترجيح لأحدهما.
ويقع الكلام في المقام أنّ هذا التخيير في المسألة الاصوليّة بدويّ أو أنّه استمراريّ بحيث يمكن للمجتهد ـ بعد الأخذ بأحد الخبرين في زمان ـ تركه والأخذ بالخبر الآخر ، فظاهر كلام الماتن قدسسره جواز ذلك ، فإنّه مقتضى الاستصحاب الجاري في ناحية التخيير الثابت قبل الأخذ بأحدهما ، ودعوى عدم جريان هذا الاستصحاب ؛ لأنّ الموضوع للتخيير المتحيّر بقيام الخبرين في الواقعة ، وبعد الأخذ بأحدهما لا تحيّر له في الواقعة لا يمكن المساعدة عليها ؛ لأنّ التحيّر بقيام خبرين متعارضين في الواقعة باق على حاله ، وبمعنى آخر غير مأخوذ في ناحية الموضوع في شيء من الأدلّة مع أنّه لا حاجة إلى الاستصحاب ، ولا تصل النوبة إليه لكفاية الإطلاق في بعض روايات التخيير كقوله عليهالسلام على ما في خبر الحسن بن الجهم في الجواب عن قول السائل : «يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيّهما الحق ، قال : إذا لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت» (١).
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢١ ـ ١٢٢ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٠.