وإناطة الترجيح بالظن أو بالأقربية إلى الواقع ، ضرورة أن قضية ذلك تقديم الخبر الذي ظن صدقه أو كان أقرب إلى الواقع منهما ، والتخيير بينهما إذا تساويا ، فلا وجه لإتعاب النفس في بيان أن أيّها يقدم أو يؤخر إلّا تعيين أن أيّها يكون فيه المناط في صورة مزاحمة بعضها مع الآخر.
وأما لو قيل بالاقتصار على المزايا المنصوصة فله وجه لما يتراءى من ذكرها مرتبا في المقبولة والمرفوعة ، مع إمكان أن يقال : إن الظاهر كونهما كسائر أخبار الترجيح بصدد بيان أن هذا مرجح وذاك مرجح ، ولذا اقتصر في غير واحد منها على
______________________________________________________
بالإضافة إلى الآخر ـ لما كان بين المرجّحات ترتيب ، بل إذا كان أحد المتعارضين واجدا لمزيّة والآخر منهما واجدا لمزيّة اخرى فإن احرز بذلك مناط الترجيح في أحدهما دون الآخر فيقدّم على الآخر وإلّا يرجع إلى إطلاقات التخيير.
نعم لو اقتصر بالمرجّحات المنصوصة فيمكن القول باعتبار الترتيب الوارد في المقبولة والمرفوعة ، ولكنّ الصحيح على ذلك أيضا عدم لزوم رعاية الترتيب ، بل إذا كان في أحد المتعارضين مرجّح منها وفي الآخر منهما مرجّح آخر منها يؤخذ بإطلاقات التخيير ، وإن اختصّ أحدهما بمرجّح منها من دون أن يوجد في الآخر مرجّح يقدّم ما فيه المرجّح ، وذلك فإنّ المقبولة وغيرها ناظرة إلى بيان تعداد المرجّحات لا لرعاية الترتيب بينها أيضا ، ويشهد لذلك الاقتصار في بعض الروايات على ذكر مرجّح واحد كمخالفة العامّة أو موافقة الكتاب ، وملاحظة الترتيب يوجب تقييد هذه الروايات بالمقبولة ، وهذا النحو من التقييد المستلزم لخروج كثير من الصور بعيد جدّا.
وعلى الجملة إن كان في أحد المتعارضين ملاك الترجيح من حيث الصدور وفي الآخر ملاك الترجيح من جهة الصدور أو المضمون أو غيرهما يلاحظ ما حصل