بناء على لزوم الترجيح لو قيل بالتعدي من المرجحات المنصوصة ، أو قيل بدخوله في القاعدة المجمع عليها كما ادعي ، وهي لزوم العمل بأقوى الدليلين ، وقد عرفت أن التعدي محل نظر بل منع ، وأن الظاهر من القاعدة هو ما كان الأقوائية من حيث الدليلية والكشفية ، ومضمون أحدهما مظنونا ، لأجل مساعدة أمارة ظنية عليه ، لا يوجب قوة فيه من هذه الحيثية ، بل هو على ما هو عليه من القوة لو لا مساعدتها ، كما لا يخفى ، ومطابقة أحد الخبرين لها لا يكون لازمه الظن
______________________________________________________
الأخذ به وترك الآخر ؛ لأنّ قوله عليهالسلام في مقبولة عمر بن حنظلة : «خذ بما اشتهر بين أصحابك» يعمّ الشهرة في نقل الخبر والعمل بمفاده ومدلوله.
ولكن قد تقدّم أنّ فرض الشهرة في كلا الخبرين فيها قرينة على إرادة الشهرة في النقل فقط ، بل ظاهر الرواية المشهورة هو الشهرة في نقلها فقط ، فلا مجال لدعوى أنّ فرض الشهرة في كلا المتعارضين ينافي اختصاص ما ورد في المقبولة بالشهرة الفتوائيّة ، ولا ينافي عمومها لها.
وأمّا ما يقال من أنّ إعراض المشهور عن أحد المتعارضين وترك العمل به يكشف عن الخلل فيه والمراد من المشهور عمدة قدماء الأصحاب حيث إنّ ثبوت القرينة في عصرهم على صحة خبر محتمل ، لقرب عصرهم من زمان صدور الأخبار ، بل لا يعتبر خبر أعرضوا عنه وإن لم يكن له معارض ، لا يمكن المساعدة عليه ؛ لما ورد في كلمات بعضهم من عدّ بعض الامور قرينة على صحة الخبر لكون مضمونه موافقا للاحتياط أو الأصل أو نحوهما ، ومع ذلك لا يمكن الوثوق والاطمينان بعثورهم على خلل في الخبر الآخر ، وأنّ ذلك الخلل لم يصل إلينا ، نعم لو فرض في مورد حصول الوثوق والاطمينان بذلك يتّبع ، ولكن ليس هذا أمرا كلّيا بالإضافة إلى جميع موارد الإعراض أو أمرا غالبيّا فيها.