ثم إنه لا إشكال في إمكان المطلق وحصوله للأعلام ، وعدم التمكن من الترجيح في المسألة وتعيين حكمها والتردد منهم في بعض المسائل إنما هو بالنسبة إلى حكمها الواقعي ، لأجل عدم دليل مساعد في كل مسألة عليه ، أو عدم الظفر به بعد الفحص عنه بالمقدار اللازم ، لا لقلّة الاطلاع أو قصور الباع.
وأما بالنسبة إلى حكمها الفعلي ، فلا تردد لهم اصلا ، كما لا إشكال في جواز
______________________________________________________
بسيط لا مركّب ، والأمر البسيط إمّا أن يحصل وإمّا أن لا يحصل ، ولو كان المراد بالاجتهاد هو الفعلي منه ، فالتجزّي فيه بمعنى أن يستنبط بعض الأحكام من مداركها ، ويترك الاستنباط في بعضها الآخر فهو أمر ظاهر ولكنّه غير مهمّ في المقام ، بل الموضوع للبحث هو أن يتمكّن الشخص من استنباط جملة من الأحكام من مداركها كالمجتهد المطلق ولا يتمكّن من استنباط جملة اخرى.
ولكن لا يخفى ما فيه ، فإنّ مسائل الفقه وأبوابها مختلفة بحسب المدارك والاستفادة من المدارك تختلف بحسب السهولة والصعوبة ، فربّ مسألة يكون المدرك فيها رواية ، سندها معتبر ولا مورد للتأمّل في ظهورها ، بخلاف بعض المسائل الاخرى فإنّ المدرك فيها الأخبار المختلفة المتعدّدة ، وإحراز ما يعارضها أو وجود الجمع العرفيّ بينها أو بين بعضها مع البعض الآخر يحتاج إلى كثرة الانس بالروايات ؛ والخبرة الزائدة في تشخيص الملاك في الجمع العرفيّ وعدمه ، وربّ مسألة تحتاج استفادة الحكم فيها إلى ضمّ مقدّمة عقليّة أو مقدّمات عقلية بخلاف بعضها الآخر ، والأشخاص مختلفون بحسب قصور الباع وطوله بالإضافة إلى تحصيل الاقتدار على الاستنباط بمقدّماته ، فيوجب ذلك حصول الاقتدار تدريجا وحصول مرتبة منه قبل حصول مرتبة اخرى إلى أن تكمل في بعض الأشخاص إلى المرتبة الأعلى من الاجتهاد ، ولهذا الكلام تتمّة نتعرّض لها عند تعرّض الماتن قدسسره.