ولو ظاهرا ، كما مر تحقيقه ، وأنه ليس أثره إلّا تنجز الواقع مع الإصابة ، والعذر مع عدمها ، فيكون رجوعه إليه مع انفتاح باب العلمي عليه أيضا رجوعا إلى الجاهل ، فضلا عما إذا انسد عليه.
______________________________________________________
وقد استشكلنا بذلك على سيّدنا الاستاذ أطال الله بقاءه ، وأجاب بما (١) حاصله أنّ الإشكال غير صحيح على إطلاقه وإن كان صحيحا في الجملة ، وأوضح ذلك بأنّ من يفتي بعدم وجوب فعل على المكلّفين لعدم تماميّة الحجّة على الوجوب عنده ، إمّا أن يكون أعلم ممّن يفتي بوجوبه بزعم قيام طريق معتبر فيه ، وإمّا أن لا يكون أعلم منه.
فعلى الأوّل : لا يكون قول غيره حجّة في حقّ العاميّ ، ليكون مانعا من الرجوع إلى الحكم الذي استفاده الأعلم من الأصل العمليّ ، والوجه في عدم حجيّة قول غيره حتّى في حقّ العاميّ ما يأتي من أنّ الدليل على حجيّة الفتوى في حقّ العاميّ ـ أيّا ما فرض غير السيرة العقلائيّة ـ لا يشمل المتعارضين وصورة العلم بمخالفة مجتهدين في الفتوى ، كما هو الحال في الدليل القائم على اعتبار كلّ أمارة ، وفي الفرض لا يشمل ذلك الدليل شيئا من الفتويين ، لما ذكرنا أنّ الأصل سقوط المتعارضين عن الاعتبار. نعم السيرة العقلائيّة جارية على اتّباع قول الأعلم من أهل الخبرة عند اختلافهم ، وعلى ذلك فلا تكون فتوى المجتهد غير الأعلم بالحكم الواقعيّ مانعا عن الرجوع إلى من ينكر قيام الدليل على الحكم الواقعيّ.
وعلى الثاني : أي ما إذا لم يكن الانفتاحيّ أعلم ، إمّا أن يعلم العاميّ بفتوى من يقول بالتكليف الواقعيّ لقيام الطريق عنده أو يكون جاهلا به ، فإن كان جاهلا فالأمر
__________________
(١) مصباح الاصول ٣ : ٤٣٩.