وأما إذا انسد عليه بابهما ففيه إشكال على الصحيح من تقرير المقدمات على نحو الحكومة ، فإن مثله ـ كما أشرت آنفا ـ ليس ممن يعرف الأحكام ، مع أن معرفتها معتبرة في الحاكم ، كما في المقبولة ، إلّا أن يدعى عدم القول بالفصل ، وهو وإن كان غير بعيد ، إلّا أنه ليس بمثابة يكون حجة على عدم الفصل ، إلّا أن يقال
______________________________________________________
الخلاف والإشكال في نفوذ هذا القسم من الحكم ، وقد تعرّضنا لذلك تفصيلا في بحث القضاء كما تكلّمنا في منصب القضاء الثابت له على التفصيل.
والماتن قدسسره تأمّل في ثبوت منصب القضاء وفصل الخصومة للمجتهد المطلق الانسداديّ ، وعمدة القول في نفوذ هذا القسم من الحكم ما ورد في مقبولة عمر بن حنظلة من قوله عليهالسلام : «فإنّي قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنّما استخفّ بحكم الله وعلينا ردّ ، والرادّ علينا الرادّ على الله» (١) والمناقشة في نفوذ هذا الحكم تدور بين الإشكال في سندها أو دلالتها أو فيهما معا.
وأمّا السند فلا بأس به ؛ لأنّ عمر بن حنظلة من المعاريف الذين لم يرد في حقهم قدح.
نعم ، يناقش في دلالتها بأنّ ما قبل هذا الكلام قرينة جليّة على أنّ المراد بالحكم القضاء وفصل الخصومة ، وأنّ النظر في المصالح العامّة ورعايتها لم يكن في زمان صدور الأخبار من المقبولة وغيرها بيد المؤمنين حتّى يجعل الإمام عليهالسلام منصب الحكومة على الرعيّة لرواة أحاديثهم والناظر في حلالهم وحرامهم ، بل ربّما يقال لا يستفاد من المقبولة النصب وجعل منصب القاضي المنصوب بحيث يجب على الخصم الحضور إذا أحضره للمرافعة بل غاية مدلولها النصب بنحو قاضي التحكيم ،
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٣٤ ، الباب ٢ من أبواب مقدمات العبادات ، الحديث ١٢.