من أدلته ، وتعيينه بحسبها ظاهرا ، فلو كان غرضهم من التصويب هو الالتزام بإنشاء أحكام في الواقع بعدد الآراء ـ بأن تكون الأحكام المؤدي إليها الاجتهادات أحكاما واقعية كما هي ظاهرية ـ فهو وإن كان خطأ من جهة تواتر الأخبار ، وإجماع أصحابنا الأخيار على أن له تبارك وتعالى في كل واقعة حكما يشترك فيه الكل ،
______________________________________________________
الشرعيّ ، والظنّ ينافي فرض العلم به ، فاللازم أن يكون ما تعلّق به الظنّ غير ما تعلّق العلم والجزم به ، أضف إلى ذلك أنّ ما ذكر البعض في الواجب التخييري باطل ، فإنّه إذا لم يختر المكلّف من الخصال شيئا فلا يكون في حقّه تكليف أيضا ، كالمجتهد الذي لم يجتهد في الحكم الشرعيّ في الوقائع أصلا مع تمكّنه منه حيث لا يكون في حقّه في الوقائع حكم وتكليف أصلا مع كونه متمكّنا منه لكونه ذا ملكة الاجتهاد.
واللازم على القائل بالتصويب أن يلتزم باعتبار الطرق والأمارات على نحو السببيّة والموضوعيّة ، أو يلتزم بالمصلحة السلوكيّة بحيث يكون العمل بالأمارات والطرق عدلا حقيقة للواقع على تقدير خطئها عن الواقع ، لا أن يكون صلاح اعتبارها مجرّد تسهيل الأمر على المكلّفين ، بحيث يكون العمل عليها عند خطئها عذرا في مخالفة الواقع ما لم ينكشف الخطأ على ما تقدّم في بحث إمكان التعبّد بالأمارات حتّى في صورة الوصول إلى الواقع بالعلم الوجدانيّ ، وفي الواقع والحقيقة تكون المصلحة في اعتبارها لا في العمل بها كما بيّنا (١) هناك.
والروايات الواردة في وجوب طلب العلم بمعالم الدين وعدم كون الجهل بها ـ مع التمكّن من تحصيل العلم بها والعمل عليها ـ عذرا ، والأمر بالاحتياط في الشبهات والترغيب إليه فيها ، ومقتضى إطلاقات خطابات الأحكام والتكاليف ،
__________________
(١) مصباح الاصول ٣ : ٤٤٥.