واختلفت في الشرعيات ، فقال أصحابنا بالتخطئة فيها أيضا ، وأن له تبارك وتعالى في كل مسألة حكم يؤدي إليه الاجتهاد تارة وإلى غيره أخرى.
وقال مخالفونا بالتصويب ، وأن له تعالى أحكاما بعدد آراء المجتهدين ، فما يؤدي إليه الاجتهاد هو حكمه تبارك وتعالى ، ولا يخفى أنه لا يكاد يعقل الاجتهاد في حكم المسألة إلّا إذا كان لها حكم واقعا ، حتى صار المجتهد بصدد استنباطه
______________________________________________________
فهذا أمر غير معقول ، حيث إنّه إذا لم يكن قبل اجتهاده حكم مجعول في حقّه فكيف يفحص عنه إلّا أن يلتزم بحكم إنشائيّ محض في كلّ واقعة والمجتهد يفحص عنه ، ويصير ما يؤدّي إليه اجتهاده حكما فعليّا حقيقيّا في حقّه سواء صادف ذلك الحكم الإنشائيّ المجعول أم يؤدّي إلى غيره ، وذلك الحكم الإنشائيّ المحض مع قطع النظر عن العلم به ليس بحكم حقيقة ، وهذا القسم من التصويب يلتزم به القائل باعتبار الطرق والأمارات على مسلك السببيّة والموضوعيّة ، وربّما يشير إليه ما عن بعض أصحابنا من أنّ ظنيّة الطريق لا تنافي قطعيّة الحكم أي قطعيّة الحكم الفعلي.
نعم بناء على مسلك الطريقيّة في الأمارات والطرق المعتبرة يقال بأنّ مؤدّيات الطرق أحكام شرعيّة طريقيّة لا نفسيّة ، فيوجب عند إصابتها للواقع بلوغ الأحكام الواقعية النفسيّة بمرتبة الفعليّة فتكون منجّزة للواقع ، ويمكن ـ كما تقدّم في بحث الأمارات ـ أنّ مؤدّياتها ليست بأحكام طريقيّة أيضا ، بل للأحكام الواقعيّة فعليّة تبلغ مرتبة التنجّز بقيام الطريق وإصابته الواقع فتكون الأمارات منجّزة ، ولا يكون للواقع تنجّز عند عدم قيام الحجّة عليه ، بل لا يكون للواقع فعليّة حينئذ.
أقول : الالتزام بإمكان كون المجعول في حقّ كلّ مجتهد واقعا ما يؤدّي في علم الله اجتهاده إليه ، وأنّ المجتهد يفحص عنه عند اجتهاده على قرار ما قيل في الواجب التخييريّ أمر غير معقول ؛ لأنّ الاجتهاد عندهم هو تحصيل الظنّ بالحكم