.................................................................................................
______________________________________________________
على ذلك ، وإذا اتّفق الانحراف والارتكاب أحيانا تندم بعده واستغفر ربّه فهو عادل ومأمون في دينه ، وينطبق عليه بعض العناوين الواردة في موارد اعتبار العدالة من كونه خيّرا ومرضيّا وصالحا وثقة في دينه إلى غير ذلك.
وعلى ذلك فنقول : ينظر في ارتكاز المتشرعة في عدالة الشخص وفسقه إلى أعماله ، فإن لم يخرج في أعماله عن وظائفه الدينيّة فهو رجل عادل ، بخلاف ما إذا لم يكن مباليا فيها فيرتكب الحرام إذا دعاه غرضه إلى ارتكابه للوصول إليه أو إذا هوت إليه نفسه ، ويترك الواجب ولا يبالي به إذا كان تركه يساعده على الوصول إلى غرضه الدنيويّ أو هوى نفسه ، فإنّه يقال إنّه ليس بعادل. وبتعبير آخر استمرار الشخص في أعماله على وظائفه الشرعيّة وإن ينشأ من أمر نفسانيّ من خوفه من سوء الحساب والابتلاء بالعقاب أو اشتياقه إلى نيل الثواب والوصول إلى الجنة أو غير ذلك من تحصيل رضى ربّه ، إلّا أنّ كون العدالة هي الأمر النفسانيّ خصوصا في تعيينها في الملكة دون الخوف من الله والاشتياق إلى نجاة نفسه من العقاب ونيل الشفاعة أمر لا يساعده ارتكاز المتشرعة ولا معنى العدالة عرفا في استعمالاته في مقابل الفسق والغير المبالي.
لا يقال : إذا كان المراد من العدالة استقامة الشخص في أعماله بحسب وظائفه الشرعيّة ، وانحرافه عنها موجبا لفسقه وعدم عدالته فلا يمكن إحراز العدالة إلّا بالإضافة إلى النوادر من الأشخاص ؛ إذا العلم الإجماليّ بأنّ نوع الإنسان يرتكب ولو في بعض الأحيان بعض الصغائر حاصل ، فكيف يحرز توبته ليترتّب عليه آثار العدالة من جواز الاقتداء به وقبول شهادته وصحة الطلاق عنده إلى غير ذلك؟ وكيف يمكن للمدعي إقامة شهادة عدلين لدعواه؟