جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام كتب من أجوبة مسائله أربعمائة مصنّف لأربعمائة مصنّف ، ودوّن من رجاله المعروفين أربعة آلاف رجل من أهل العراق والحجاز وخراسان والشام ، وكذلك عن مولانا الباقر عليهالسلام. ورجال باقي الأئمة معروفون مشهورون ، أولوا مصنّفات مشتهرة ومباحث متكثّرة ، قد ذكر كثيرا منهم العامة في رجالهم ، ونسبوا بعضهم الى التمسّك بأهل البيت عليهمالسلام.
وبالجملة اشتهار النقل والنقلة عنهم عليهمالسلام يزيد أضعافا كثيرة عن النقلة عن كل واحد من رؤساء العامة ، فالإنصاف يقتضي الجزم بنسبة ما نقل عنهم إليهم عليهمالسلام. فحينئذ نقول : الجمع بين عدالتهم ، وثبوت هذا النقل عنهم مع بطلانه مما يأباه العقل ويبطله الاعتبار بالضرورة.
هذا مع ما شاع عنهم من إنكار ما عليه العامة من القياس والاستحسان ، ونسبة ذلك إلى الضلال والقول في الدين بغير الحق. ومن رام إنكار ذلك فكمن رام إنكار المتواتر من سنة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو معجزاته وسيرته وسيرة من بعده. ومن رام معرفة رجالهم والوقوف على مصنّفاتهم ، فليطالع : كتاب الحافظ ابن عقدة ، وفهرست النجاشي وابن الغضائري والشيخ أبي جعفر الطوسي ، وكتاب الرجال لأبي عمرو الكشيّ ، وكتب الصدوق أبي جعفر بن بابويه القمي ، وكتاب الكافي لأبي جعفر الكليني فإنه وحده يزيد على ما في الصحاح الستة للعامة متونا وأسانيد ، وكتاب مدينة العلم ومن لا يحضره الفقيه قريب من ذلك ، وكتابا التهذيب والاستبصار نحو ذلك ، وغيرها ممّا يطول تعداده ، بالأسانيد الصحيحة المتصلة المنتقدة والحسان والقويّة ، والجرح والتعديل والثناء الجميل ، فالإنكار بعد ذلك مكابرة محضة ، وتعصّب صرف.
لا يقال : فمن أين وقع الاختلاف العظيم بين فقهاء الإمامية إذا كان نقلهم عن المعصومين وفتواهم عن المطهرين؟
لأنا نقول : محل الخلاف : إمّا من المسائل المنصوصة ، أو مما فرّعه العلماء.