بقدراته العلمية والعجز عن مجاراته ، ويعرض هذا الكتاب الى ذكر ذلك.
لقد ترك الامام (ع) ثروة فكرية هائلة تعد من ذخائر الفكر الاسلامي ومن مناجم الثروات العلمية في الارض وليس من المستطاع تسجيل جميع ما أثر عنه من العلوم والمعارف فان ذلك يستدعي وضع عدة مجلدات ، وانما أشرنا الى بعضها ، وتركنا الباب مفتوحا لمن يريد أن يبحث بصورة شاملة عن ثرواته العلمية.
وعلى أي حال فان التأريخ لم يعرف أماما كمحمد الباقر (ع) قد وقف حياته كلها لنشر العلم واذاعته بين الناس ، فكان ـ فيما يقول الرواة ـ قد أقام في يثرب سادنا أمينا كالجبل أو كالبحر وهو يغذي رجال الفكر ورواد العلم بفقهه وعلمه التي تحمل عناصر التقدم ، وعناصر الحياة لا لهذه الامة فحسب ، وإنما للناس جميعا.
(٣)
وكما كان الامام الباقر (ع) من عمالقة الفكر والعلم في الاسلام فقد كان من أبرز أئمة المسلمين فيما أوتي من عظيم الاخلاق والتجرد من كل نزعة مادية أو أنانية ، فكان في سلوكه يمثل روح الاسلام وفكره وانطلاقه في هداية الناس وتهذيب أخلاقهم.
ويجمع المؤرخون انه كان مشغولا في أكثر اوقاته بذكر الله ، وانه كان ينفق لياليه ساهرا في الصلاة لله ومناجاته شأنه شأن آبائه الذين هم مصابيح الهداية والتقوى في الارض ، وقد تحرج الامام في حياته كأشد ما يكون التحرج ، فزهد في الدنيا ، وابتعد عن جميع زخارفها ، واتجه بقلبه وعواطفه نحو الله فآثر طاعته على كل شيء ، وعلى كل ما يقربه إليه زلفى ، فلم ينقاد لأية نزعة من نزعات الهوى ، وانما تحرر منها تحررا كاملا ، ولم يعد لها أي سلطان عليه.