(٥)
وكان عصر الامام من أدق العصور في الاسلام فقد كانت الحياة فيه بشعة شديدة الظلام ومرهقة كأشد ما يكون الارهاق ، فقد تفجرت البلاد الاسلامية ببركان من الثورات كانت نتيجة لسوء السياسة الاموية التي لم تضع نصب أعينها مصلحة الشعوب الاسلامية ، وانما راحت تتصرف بوحي من رغباتها الخاصة من دون أن تولي أي اهتمام بصالح الأمة ، فقد وضعت عليها الضرائب الثقيلة ، وشددت في أمر الخراج وسلبت ثروات الامة ، وانفقتها على شهواتها وملاذها ، واستبدت كأشر ما يكون الاستبداد في جميع شئونها.
ولا بد لنا أن نذكر الحكومات التي عاصرها الامام ، ونعرض الاحداث السياسية التي جرت في ذلك العصر ، ويجب أن نلاحظها بدقة وامعان فهي مما تمس الحياة الاجتماعية والفكرية في ذلك العصر الذي نشأ فيه الامام ، ومن الطبيعي أن الباحث الذي يهمل ذلك فانه من غير الممكن أن يتوصل الى دراسة الشخصية التي يبحث عنها أو يهتدي الى فهمها حسب الدراسات الحديثة.
ان من الامانة للعلم والرغبة في الحق اظهار تلك الاحداث والتدليل على مصادرها ، ومناقشة المصادر التي لم تخضع للحق وانما كانت خاضعة للأهواء التي هي أبعد ما تكون عن الواقع ، فان الدراسة بهذا اللون ـ فيما نحسب ـ تعود على القراء بمزيد من الفائدة.
(٦)
ولم تحظ المكتبة العربية بدراسة عن هذا الامام العظيم الذي هو من عناصر الثقافة والتكوين الحضاري لهذه الامة ، فانه ليس من الوفاء في شيء ان نهمل حياة عظمائنا في حين أن الأمم الحية قد عنت بتخليد