ليس الايمان لفظا تلوكه الألسن ، وانما هو امر مستقر في اعماق القلب ، ودخائل النفس ، ويدفع الانسان الى العمل عن يقين واخلاص
٣٤ ـ قال (ع) : قال رسول الله (ص) : لابي ذر « يا ابا ذر إياك والسؤال فانه ذل حاضر وفقر تتعجله ، وفيه حساب طويل يوم القيامة يا أبا ذر تعيش وحدك ، وتموت وحدك ، وتدخل الجنة وحدك يسعد بك قوم من أهل العراق يتولون غسلك وتجهيزك ودفنك ، يا أبا ذر لا تسأل بكفك ، وان أتاك شيء فاقبله ... ثم قال (ص) لاصحابه « الا اخبركم بشراركم؟ » « بلى يا رسول الله .. »
« المشاءون بالنميمة ، المفرقون بين الاحبة الباغون للبرآء العيب » (٤٥) لقد اوصى النبيّ (ص) أبا ذر بالعفة والإباء ، واستشف (ص) من وراء الغيب عما يعانيه هذا المصلح العظيم من التنكيل والارهاق في سبيل اداء رسالته الاصلاحية الخالدة ، فقد اعلن ابو ذر سخطه على الامويين الذين تنكروا لحقوق الامة واستبدوا بثرواتها فاتخذوا مال الله دولا ، وعباد الله خولا فكان ابو ذر اللسان الناطق بحقوق المظلومين والمضطهدين والمترجم لآلامهم ، وقد ضاق الامويون منه ذرعا فنفوه الى الربذة وفرضت عليه الاقامة الجبرية في تلك البقعة الجرداء التي انعدمت فيها جميع وسائل الحياة ، وتوفى هذا الثائر العظيم جائعا منفيا عن وطن الله ووطن رسوله ، لقد توفى أبو ذر جائعا وفي أيدي الامويين ذهب الارض وثروات الأمة ، ينفقونها على شهواتهم وملاذهم.
لقد مات أبو ذر من اجل أن يحقق العدالة الاجتماعية ، ويحقق
__________________
(٤٥) الخصال ( ص ١٦٧ ).