وإن من أوهى الاقوال ما ذهب إليه الشهرستاني من انه تتلمذ لواصل بن عطاء واخذ عنه الاعتزال يقول : « أراد ـ يعني زيدا ـ أن يحصل الاصول والفروع حتى يتحلى بالعلم فتتلمذ في الاصول لواصل بن عطاء رأس المعتزلة مع اعتقاد واصل بأن جده علي بن أبي طالب (ع) في حروبه التي جرت بينه وبين أصحاب الجمل وأصحاب الشام ما كان على يقين من الصواب ، وان أحد الفريقين منهما كان على خطأ لا بعينه فاقتبس منه الاعتزال .. » (١٦)
أما هذا الرأي فلا يحمل أي طابع من التوازن والتحقيق فان زيدا لم يقتبس علومه من واصل ، وإنما أخذها من أبيه وأخيه اللذين أضاءا الحياة الفكرية والعلمية في الاسلام.
وقد استمد الفقهاء ورؤساء المذاهب الاسلامية علومهم مما أخذوه من أئمة اهل البيت (ع) أما مباشرة او من أحد تلامذتهم ، فكيف يذهب زيد الى واصل (١٧) لأخذ العلم عنه؟ ويذهب الشيخ أبو زهرة الى ان التقاء زيد بواصل كان التقاء مذاكرة وليس التقاء تلميذ عن استاذ فان السن متقاربة ، وزيد كان ناضجا ... واضاف قائلا : إنه تلقى فروع
__________________
(١٦) الملل والنحل المطبوع على هامش الفصل ٢ / ٢٠٨.
(١٧) كان واصل بن عطاء الثغ قبيح اللثغة في الراء ، فكان يخلص كلامه من الراء وفيه يقول الشاعر :
ويجعل البر قمحا في تصرفه |
|
وخالف الراء حتى احتال للشعر |
ولم يطق مطرا والقول يعجله |
|
فعاد بالغيث اشفاقا من المطر |
جاء ذلك في وفيات الاعيان ٥ / ٦٠.