وأصدقاءه أجمعوا على تعظيمه وتقديره وإكباره.
وتلك المنزلة لم تكن مفروضة بقوة السلاح وصولة السلطان ، ولا هي وليدة التعاطف الجماهيري العفوي مع الإمام عليهالسلام ، بل هي هيبة حقيقية ومنزلة واقعية ناشئة من إحسانه إلى الناس ورعاية اُمورهم ، وطاعته لله تعالى وزهده في الدنيا واجتماع الملكات الروحانية ومقومات الصلاح والخلق الرفيع ، ممّا جعله في موقع محبة الناس كلهم.
ومن مصاديق تلك المنزلة أنه عندما أرسل المتوكل يحيى بن هرثمة إلى المدينة لاشخاص الامام الهادي عليهالسلام إلى سامراء ، فدخل المدينة ، ضجّ أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس بمثله خوفاً على الامام عليهالسلام ، قال يحيى : وقامت الدنيا على ساق ، لأنه كان محسناً إليهم ملازماً للمسجد ، ولم يكن عنده ميل إلى الدنيا (١).
وهذا يدلّ على الموقع الذي يشغله الإمام عليهالسلام في نفوس الناس وكسب ثقتهم ومحبتهم على اختلاف توجهاتهم ، لذلك هرعوا في مظاهرة احتجاجية صاخبة خوفا على حياة إمامهم عليهالسلام من بطش المتوكل الذي يعرفون توجهاته وممارساته.
وتتجلّى مظاهر التعظيم أيضا في تشوّق الناس من أهالي بغداد إلى الإمام عليهالسلام واجتماعهم لرؤيته وهو في طريقه الى سامراء ، مما اضطر آمر الركب إلى دخول البلد ومغادرته في الليل ، فقد جاء في التاريخ أنه لما كان في موضع يقال له الياسرية نزل هناك ، وركب والي بغداد إسحاق بن إبراهيم الطاهري لتلقيه ، فرأى تشوق الناس إليه واجتماعهم لرؤيته ، فأقام إلى الليل ، ودخل به
__________________
(١) تذكرة الخواص : ٣٢٢ ، مروج الذهب ٤ : ٤٢٢.