قال عليهالسلام : علم وشاء وأراد وقدر وقضى ، وأبدى فأمضى ما قضى ، وقضى ما قدر ، وقدر ما أراد ، فبعلمه كانت المشية ، وبمشيته كانت الارادة ، وبإرادته كان التقدير ، وبتقديره كان القضاء ، وبقضائه كان الامضاء ، فالعلم متقدم المشية ، والمشية ثانية ، والارادة ثالثة ، والتقدير واقع على القضاء بالامضاء ، فلله تبارك وتعالى البداء في ما علم متى شاء ، وفي ما أراد لتقدير الأشياء ، فإذا وقع القضاء بالامضاء فلا بداء ، فالعلم بالمعلوم قبل كونه ، والمشية في المنشأ قبل عينه ، والارادة في المراد قبل قيامه ، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عياناً وقياماً ، والقضاء بالامضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام المدركات بالحواس من ذي لون وريح ووزن وكيل ، وما دبّ ودرج من إنس وجن وطير وسباع وغير ذلك مما يدرك بالحواس ، فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له ، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء ، والله يفعل ما يشاء ، وبالعلم علم الأشياء قبل كونها ، وبالمشية عرف صفاتها وحدودها وأنشأها قبل إظهارها ، وبالارادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها وحدودها ، وبالتقدير قدر أوقاتها وعرف أولها وآخرها ، وبالقضاء أبان للناس أماكنها ، ودلهم عليها ، وبالامضاء شرح عللها ، وأبان أمرها ، وذلك تقدير العزيز العليم » (١).
وعن أيوب بن نوح : « أنه كتب إلى أبي الحسن عليهالسلام يسأله عن الله عز وجل ، أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء وكونها ، أو لم يعلم ذلك حتى خلقها وأراد خلقها وتكوينها ، فعلم ما خلق عندما خلق ، وما كون عندما كون؟ فوقع عليهالسلام بخطه : لم يزل الله عالماً بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء ،
__________________
(١) التوحيد / الصدوق : ٣٣٤ / ٩.