قال عباية : فما أقول يا أمير المؤمنين؟ قال : تقول إنك تملكها بالله الذي يملكها من دونك ، فإن يملكها إياك كان ذلك من عطائه ، وإن يسلبكها كان ذلك من بلائه ، هو المالك لما ملكك ، والقادر على ما عليه أقدرك ، أما سمعت الناس يسألون الحول والقوة حين يقولون : لا حول ولا قوة إلا بالله؟
قال عباية : وما تأويلها يا أمير المؤمنين؟ قال : لا حول عن معاصي الله إلا بعصمة الله ، ولا قوة لنا على طاعة الله إلا بعون الله ، قال : فوثب عباية فقبل يديه ورجليه.
وروي عن أمير المؤمنين عليهالسلام حين أتاه نجدة (١) يسأله عن معرفة الله ، قال : يا أمير المؤمنين ، بماذا عرفت ربك؟ قال عليهالسلام : بالتمييز الذي خولني ، والعقل الذي دلني. قال : أفمجبول أنت عليه؟ قال : لو كنت مجبولاً ما كنت محموداً على إحسان ، ولا مذموماً على إساءة ، وكان المحسن أولى بالملامة من المسيء ، فعلمت أن الله قائم باق ، وما دونه حدث حائل زائل ، وليس القديم الباقي كالحدث الزائل.
قال نجدة : أجدك أصبحت حكيماً يا أمير المؤمنين. قال عليهالسلام : أصبحت مخيراً ، فإن أتيت السيئة بمكان الحسنة فأنا المعاقب عليها.
وروي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال لرجل سأله بعد انصرافه من الشام فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرنا عن خروجنا إلى الشام بقضاء وقدر؟ قال عليهالسلام : نعم يا شيخ ، ما علوتم تلعة ولا هبطتم وادياً إلا بقضاء وقدر من الله. فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين. فقال : مه يا شيخ ، فإن الله قد عظم أجركم في مسيركم وأنتم سائرون ، وفي مقامكم
__________________
(١) وهو المعروف بنجدة الحروري ، لأنه صار من الخوارج الحرورية.