حقاً في مال الأغنياء بقوله : ( للفقراء الذين احصروا في سبيل الله ) (١) الآية ، فأمر بإعفائهم ولم يكلفهم الاعداد لما لا يستطيعون ولا يملكون.
٥ ـ السبب المهيج للفاعل على فعله :
وأما قوله : (والسبب المهيج) فهو النية التي هي داعية الانسان إلى جميع الأفعال ، وحاستها القلب ، فمن فعل فعلاً وكان بدين لم يعقد قلبه على ذلك لم يقبل الله منه عملاً إلا بصدق النية ، ولذلك أخبر عن المنافقين بقوله : ( يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم والله أعلم بما يكتمون ) (٢) ، ثم أنزل على نبيه صلىاللهعليهوآله توبيخاً للمؤمنين : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) (٣) الآية ، فإذا قال الرجل قولاً واعتقد في قوله ، دعته النية إلى تصديق القول بإظهار الفعل ، وإذا لم يعتقد القول لم تتبين حقيقته.
وقد أجاز الله صدق النية وإن كان الفعل غير موافق لها. لعلة مانع يمنع إظهار الفعل ، في قوله : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان ) (٤) ، وقوله : ( لا يؤاخذكم اللّه باللغو في أيمانكم ) (٥) ، فدل القرآن وأخبار الرسول صلىاللهعليهوآله أن القلب مالك لجميع الحواس يصحح أفعالها ، ولا يبطل ما يصحح القلب شيء.
فهذا شرح جميع الخمسة الأمثال التي ذكرها الصادق عليهالسلام أنها تجمع المنزلة بين المنزلتين ، وهما الجبر والتفويض ، فإذا اجتمع في الانسان كمال هذه الخمسة الأمثال ، وجب عليه العمل كمالاً لما أمر الله عز وجل به
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٧٣.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ١٦٦.
(٣) سورة الصف : ٦١ / ٢.
(٤) سورة النحل : ١٦ / ١٠٦.
(٥) سورة البقرة : ٢ / ٢٢٥.