موسى ، إلا أنه لا نبى بعدي. ووجدناه يقول : علي يقضي ديني ، وينجز موعدي ، وهو خليفتي عليكم من بعدي. فالخبر الأول الذي استنبطت منه هذه الأخبار خبر صحيح مجمع عليه ، لا اختلاف فيه عندهم ، وهو أيضاً موافق للكتاب ، فلما شهد الكتاب بتصديق الخبر وهذه الشواهد الاُخر لزم على الاُمّة الاقرار بها ضرورة ، إذ كانت هذه الأخبار شواهدها من القرآن ناطقة ، ووافقت القرآن ، والقرآن وافقها.
ثم وردت حقائق الأخبار من رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الصادقين عليهمالسلام ونقلها قوم ثقات معروفون ، فصار الاقتداء بهذه الأخبار فرضاً واجباً على كل مؤمن ومؤمنة لا يتعداه إلا أهل العناد ؛ وذلك أن أقاويل آل رسول الله صلىاللهعليهوآله متصلة بقول الله ، وذلك مثل قوله في محكم كتابه : ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً ) (١).
وجدنا نظير هذه الآية قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : من آذى علياً فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله يوشك أن ينتقم منه. وكذلك قوله صلىاللهعليهوآله : من أحب علياً فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله. ومثل قوله صلىاللهعليهوآله في بني وليعة : لأبعثن إليهم رجلاً كنفسي ، يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، قم يا علي فسر إليهم. وقوله صلىاللهعليهوآله يوم خيبر : لأبعثن إليهم غداً رجلاً يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، كراراً غير فرار ، لا يرجع حتى يفتح الله عليه. فقضى رسول الله صلىاللهعليهوآله بالفتح قبل التوجيه ، فاستشرف لكلامه أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلما كان من الغد دعا علياً عليهالسلام فبعثه إليهم ، فاصطفاه بهذه المنقبة ، وسماه كراراً غير فرار ، فسماه الله محباً لله ولرسوله ،
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٥٧.