وذكروا في حوادث سنة ٢٥١ هـ أنه بلغ سعر الخبز في مكة ثلاثة أواقٍ بدرهم ، واللحم رطل بأربعة دراهم ، وشربة الماء بثلاثة دراهم (١).
وفي حوادث سنة ٢٥١ و ٢٥٢ هـ نتيجة الحرب التي دارت رحاها بين المعتز والمستعين على كرسي الخلافة ، شمل أهل بغداد الحصار وغلاء الأسعار ، واجتمع على الناس الخوف والجوع (٢).
قال اليعقوبي في حوادث سنة ٢٥٢ هـ : غلت الأسعار ببغداد وسرّ من رأى حتى كان القفيز بمائة درهم ، ودامت الحروب ، وانقطعت الميرة ، وقلّت الأموال (٣).
وكان من نتائج الفقر والبطالة أن تفشّت الكثير من المفاسد الاجتماعية ، فكثر الشطّار والعيارين الذين ألجأهم الفقر والعوز الى التجوال في الأسواق للحصول على لقمة العيش ولو عن طريق النهب والسلب والاعتداء ، وقد فشا أمر هؤلاء فشكلوا ظاهرة متميزة في بغداد عند أواخر القرن الثاني الهجري وبداية القرن الثالث.
كما انتشرت الكثير من مظاهر الانحرف في المجتمع مثل تعاطي القمار ومعاقرة الخمور حيث فتحت حانات عديدة في بغداد وباقي الأمصار ، وكثر المغنون والجواري والغلمان الذين أصبحوا مادة للغزل عند شعراء ذلك العصر ، وتفشت ظاهرة الخنوثة والميوعة والفساد سيما في قصور الخلفاء والامراء والقضاة وسواهم من رجال الدولة.
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٦ : ١٨١ ، البداية والنهاية ١١ : ١٠.
(٢) البداية والنهاية ١١ : ٩.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٩٩.