المتوكل بتسليمه إلى عمر بن الفرج الرخّجي ، فكلمه يحيى في صلته ، وكان في ضائقة وعليه دين ، فأغلظ عمر بن الفرج له القول ، فردّ عليه يحيى ، فشكا عمر إلى المتوكل ، فأمر به فضرب دررا ثم حبسه في دار الفتح بن خاقان مدّة ، ثم كفله أهله فاُطلق ، وأقام في بغداد على حال سيئة من الفقر بعد قطع صلته.
ثمّ خرج ثانية سنة ٢٥٠ هـ وقيل : ٢٤٨ أو ٢٤٩ هـ ، وقد بدأ خروجه في هذه المرة بزيارة قبر الامام الحسين عليهالسلام وأظهر للزوار ما أراد ، فاجتمعت إليه جماعة من الأعراب ، ثم مضى قاصدا شاهي ، فأقام بها إلى الليل ، ثم دخل الكوفة ليلاً ، وجعل أصحابه ينادون : أيها الناس ، أجيبوا داعي اللّه. حتى اجتمع إليه خلق كثير.
فلمّا كان من غد مضى إلى بيت المال فأخذ ما فيه وفرّقه على أصحابه ، فبدأ يعدّ العدّة ويصلح السلاح ، وفتح السجون وأخرج من فيها وأخرج العمال عنها ، ودعا إلى الرضا من آل محمد صلىاللهعليهوآله ، وأظهر العدل وحسن السيرة والانصاف والكفّ عن الدماء ، فاجتمع الناس إليه وأحبوه وبايعوه.
فندب له محمد بن عبداللّه بن طاهر ابن عمه الحسين بن إسماعيل بن طاهر ، وضمّ إليه جماعة من القواد ، فمضى الحسين إلى الكوفة وأقام بشاهي ، وأشار بعض أهل الكوفة من الزيدية على يحيى بمعاجلة الحسين ، ولم يكن لهم خبرة بالحرب ولاشجاعة ، وألحوا عليه ، فزحف إليه في رجب من السنة المذكورة ، فساروا ليلهم فصبّحوا الحسين وهو مستريح ، فثار بهم في الغلس ، وحمل عليهم أصحاب الحسين فانهزموا ووضعوا فيهم السيف ، وانهزم رجالة أهل الكوفة ، وانكشف العسكر عن يحيى ، ولم يزل يقاتل مكانه حتى قتل ، وكان فارسا شجاعا شديد البدن مجتمع القلب ، واحتزوا رأسه ، وسيره الحسين بن إسماعيل