ويبدو أن المتوكل قد صاغ كتابه بصيغة الرجاء ، وكأنه ترك للإمام عليهالسلام الخيار في الشخوص أو البقاء ، غير أنه الاكراه بعينه ، إذ أنه بعث الكتاب مع الجند وقادتهم الذي أرسلهم لأداء مهمة إشخاص الإمام ، ثمّ ان الإمام إن لم يذهب حيث أمره يكون قد أثبت تلك التهمة على نفسه ، وأعلن العصيان على الخلافة ، وكلاهما مما لاتقتضيه سياسة الإمام عليهالسلام.
ولعل أوضح دليل على إلزام الإمام عليهالسلام بهذا الأمر هو تصريحه عليهالسلام بذلك في حديث رواه المنصوري عن عم أبيه أبي موسى ، قال : « قال لي يوما الإمام علي بن محمد عليهماالسلام : يا أبا موسى ، اُخرجت إلى سرّ من رأى كرها ... » (١).
قال الشاعر :
وأشخص رغماً عن مدينة جده |
|
إلى الرجس إشخاص المعادي المخاصم |
ولاقى كما لاقى من القوم أهله |
|
جفاءً وغدراً وانتهاك محارم |
وعاش بسامراء عشرين حجةً |
|
يجرع من أعداه سم الأراقم |
بنفسي موتوراً عن الوتر مغضياً |
|
يسالم أعداءً له لم تسالم (٢) |
__________________
مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام من كتاب الحجة.
(١) المناقب لابن شهر آشوب ٤ : ٤٤٩ ، بحار الأنوار ٥٠ : ١٢٩ / ٨.
(٢) المجالس السنية / محسن الأمين ٥ : ٦٥٦. والشعر للسيد صالح بن مهدي الحسيني النجفي ، المتوفى في بغداد سنة ١٣٠٦.