التعارض البحت عليه (١).
وهذا البيان أيضا غير تام ، إذ يرد عليه بالإضافة إلى ما ذكرناه من أن الصحيح هو التبعية بين الدلالتين في الحجية ، أن الخطاب لا يدل على انسلاخ نقيضه عن الملاك لا بمدلوله المطابقي ولا بدلالته على الردع من النقيض ، وإنما غاية ما يقتضيه الدلالة على أن مبادئ الطلب فيما تعلق به أقوى مما في نقيضه وأنه لا يوجد في ذلك النقيض مصلحة غالبة ولا مساوية وأما أصل وجود الملاك فيه فلا نافي له. مع أنه لو سلم ذلك بقي النقض في بعض موارد التعارض البحت على حاله ، كما إذا فرض تعلق لأمر بالمطلق وتعلق النهي بالمقيد ولو كان من نفس عنوان المطلق ـ من قبيل ( صل ولا تصل في المغصوب ) فإن الأمر سوف لا دليل إلاّ على انسلاخ نقيض الصلاة عن مبادئ الحكم ، وهو لا ينافي ثبوتها في ترك المقيد بما هو ترك للمقيد ، كما هو واضح.
المحاولة الثانية ـ التمسك بإطلاق المادة بالتقريب المتقدم عن المحقق النائيني ـ قده ـ لإثبات الملاك في موارد العجز لإثبات كون القدرة عقلية في الخطاب ، حيث يدعى أن للمادة محمولين عرضيين ، أحدهما الحكم ، والآخر الملاك ، وما لا يعقل ثبوته في موارد الاجتماع إنما هو إطلاق المادة بلحاظ المحمول الأول دون الثاني ، فلا موجب لرفع اليد عنه.
وهذه المحاولة قد تقدم فيما سبق عدم تماميتها ، فراجع.
المحاولة الثالثة ـ التمسك بإطلاق المادة بتقريب آخر أفاده المحقق الأصفهاني ـ قده ـ حيث قال : « وهنا طريق آخر لإحراز المصلحة المقتضية ، وهو إطلاق المادة ، فإنه لا ريب في أن المولى الّذي هو في مقام الحكم الحقيقي الفعلي يكون في مقام بيان تمام موضوع حكمه والمفروض عدم تقيد موضوع حكمه بعدم الاتحاد مع الغصب مثلاً لفظاً ، وأما تقيده من حيث أنه موضوع الحكم الفعلي بعدم الاتحاد مع الموضوع المحكوم بحكم مضاد لحكمه عقلا فهو لا يكاد يكون قرينة حافة باللفظ ليصح الاتكال عليه عرفاً في مقام التقييد
__________________
(١) نهاية الدراية الجزء الثاني من المجلد الأول ، ص ٩١.