موضوعاً غير ما يرويه الآخر ويكون من ينقل منهما عن الأعدل مثلاً حاكماً في نقله على نقل الآخر ـ بعد فرض ثبوت الترجيح بالصفات ـ فلا يستحكم التعارض بين نقليهما بوجه أصلاً. وإنما التعارض مستحكم بين نقل الرّاويين المباشرين فإما أن يطبق الترجيح بالصفات عليهما أو على مجموع السلسلة على أقل تقدير. مع أن الإمام عليهالسلام قد طبقه على الحاكمين الذين يمثلان أول سلسلة السند لو كان مع الواسطة ـ كما هو الغالب ـ وهذا لا ينسجم إلاّ مع افتراض كون الترجيح لأحد الحكمين بلحاظ صفات الحاكم به لا الروايتين.
ومبرر الدعوى الثانية : هو انتقال سياق الحديث من ملاحظة الحاكمين إلى ملاحظة الرواية التي يستند إليها كل منهما ، حيث جاء فيه « ينظر ما كان من روايتهما عنا في ذلك الّذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك ... إلخ » فأضيفت المميزات إلى الرواية لا الحكم. إلاّ أنه مع ذلك يوجد أمامنا ثلاثة احتمالات في تفسير الترجيح بهذه المرجحات.
الأول ـ أن تكون إضافتها إلى الرواية بالعرض والمجاز ، بأن يكون القصد ترجيح الحكم الّذي يكون مدركه واجداً للمزية الترجيحية.
الثاني ـ أن تكون إضافتها إلى الرواية حقيقية ولكن لا باعتبار كاشفية الرواية ذات المزية الترجيحية عن الحكم الشرعي الواقعي ، بل في مقام فصل الخصومة بالخصوص ، فكأنما أراد الإمام عليهالسلام أنه بعد تعارض الحاكمين تجعل الرواية ذات المزية الترجيحية هي الحكم الفصل للمنازعة وان كان لا رجحان لها في مقام الإفتاء واستنباط الحكم الشرعي الواقعي.
الثالث ـ أن تكون إضافتها إلى الرواية حقيقية وبما هي كاشفة عن الحكم الشرعي وحجة عليه.
والظاهر تعين الاحتمال الأخير لأن الأول خلاف حقيقية الإضافة ، والثاني خلاف قوله عليهالسلام ( فيؤخذ به ويترك الشاذ ) الظاهر عرفاً في حجية المشهور في مقام الأخذ والعمل مطلقاً لا في مقام فصل الخصومة خاصة.