ما يكون قضاتهم وحكامهم أبعد عنه ، مع أنه لم يرد ذلك في المرفوعة وإنما ورد الأمر بأخذ ما فيه الحائط للدين.
إلاّ أن المتفاهم عرفاً من مثل هذا البيان أنه مرتبة أدنى في الترجيح بمخالفة العامة وبيان أن هذه المرتبة من البعد عن آرائهم وفتاواهم أيضا كاف في الترجيح.
المادة السادسة ـ أن المقبولة أمرت عند فقدان جميع المرجحات بالاحتياط والوقوف عند الشبهة وإرجاء الواقعة إلى أن يلقى الإمام عليهالسلام بينما المرفوعة أمرت بالأخذ بما فيه الحائط للدين ، ومع تساويهما من هذه الجهة حكم بالتخيير بينهما.
والبحث عن هذه النقطة يقع من جهتين.
الجهة الأولى ـ في تشخيص أن المستفاد من المرفوعة هل هو الترجيح بموافقة الاحتياط ، أو التساقط والرجوع إلى أصالة الاحتياط في المسألة الفرعية؟
الجهة الثانية ـ في أنه هل يوجد تعارض بينهما في هذه النقطة أم لا؟
أما البحث من الجهة الأولى ، فالظاهر من المرفوعة الترجيح بموافقة الاحتياط ، لا التساقط والرجوع إلى أصالة الاحتياط في المسألة الفرعية. وذلك لأن هذا هو ظاهر قوله فخذ بما فيه الحائطة لدينك. حيث أن المراد باسم الموصول هنا الحديث الموافق للاحتياط والأمر بالأخذ بحديث ظاهر في الإرشاد إلى حجيته في مقابل الآخر ، وهو معنى الترجيح.
هذا ، مضافاً إلى أن الراوي فرض بعد ذلك أن الحديثين معاً موافقان للاحتياط أو مخالفان ، ويتعين أن يكون نظر الراوي في ذلك إلى الحديث بلحاظ مفاده المطابقي لا بلحاظ مجموع ما يستفاد منه ولو التزاماً بنحو يشمل نفي الآخر ، إذ لو كان نظر الراوي إلى المجموع لما تعقلنا فرض كون الحديثين معاً موافقين للاحتياط في مقابل كونهما معاً مخالفين له ، لأنه إن أراد الموافقة المطلقة فهي مستحيلة مع فرض التعارض كاستحالة المخالفة