الأستاذ ـ دام ظله ـ عن أستاذه المحقق النائيني ـ قده ـ التفصيل في ذلك بين المرجحات السندية والمرجحات الدلالية ، فالمرجح السندي لا يأتي في العامين من وجه لأن تطبيقه إما يستلزم إسقاط الخبرين في مادة الافتراق لكل منهما وهو بلا موجب ، وإما يستلزم التبعيض في السند الواحد وهو غير معقول. وهذا بخلاف المرجح الدلالي إذ بالإمكان أعماله في مادة الاجتماع فقط لتعدد الدلالات.
وأورد عليه السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ بأن الدال وإن كان واحداً والدلالة متعددة ، إلاّ أن الأحكام المترتبة في باب النقل والاخبار بعضها يترتب على الدال وبعضها يترتب على الدلالة ، فحرمة الكذب مثلاً موضوعها الدال فإذا قال ( كل من في البلد قد خرج ) كان كذباً واحداً وبالتالي حراماً واحداً رغم تعدد الدلالات بعدد أفراد من في البلد ، بينما حرمة الغيبة موضوعها الدلالة فتعدد بتعددها ، فإذا قال ( كل هؤلاء فساق ) ارتكب مخالفة تحريم الغيبة بعدد أفرادهم. والحجية حكم مترتب على الدلالة لا على الدال ، فالعام من وجه وإن كان دالاً واحداً لكن دلالته في مادة الاجتماع غير دلالته في مادة الافتراق وكل منهما موضوع لحجية مستقلة ـ بناء على عدم التبعية بين الدلالات التضمنية في الحجية ـ فلا محذور في سقوطه عن الحجية في خصوص مادة الاجتماع لوجود ترجيح في معارضه (١).
أقول : في كلا الكلامين نظر.
أما ما أفاده السيد الأستاذ ، فلأن في المقام دالين ودلالتين ، فنقل الراوي دال أول وله مدلول واحد وهو صدور الحديث عن الإمام عليهالسلام ، وحديث الإمام عليهالسلام دال ثان وله دلالات عديدة بعدد ما يتضمنه من أحكام ، وليس المقصود في المرجح السندي ترجيح أحد كلامي المعصوم عليهالسلام على كلامه
__________________
(١) نقل باختصار من مباني الاستنباط الجزء الأول ، ص ٤٩٨ ـ ٥٠١.