باطلا ، لأن الطلاق المسبوق بآخر هو طلاق المطلقة من غير رجعة ، وهو باطل بخلاف شرطه أن يكون بعده أو معه ، فان الطلاق الواحد لا مانع منه ، وإنما المانع من المنضم إليه ».
ونحوه في كشف اللثام قال : « لأنه إنما نوى في الأخيرين إيقاع طلقة متأخرة عن طلقة وهو ينافي التنجيز ، إلا أن يكون طلقها سابقا طلقة صحيحة وأراد تأخير هذه الطلقة عنها فتقع ، وأما في غيرهما فإنه نوى إيقاع طلقة بها ، وإن وصفها بعد ذلك بمقارنة طلقة أو بالتقدم على طلقة فيكون لغوا ».
قلت : لكن لا يخفى عليك ما في الجميع بعد التأمل فيما ذكرنا من كون المراد بهذه الصيغ إنشاء التعدد بالوجه المزبور نحو إنشائه بذكر الثلاث والثنتين ، وليس من التعليق في شيء ، وإلا لاقتضى البطلان في الجميع ، ولا الإخبار عن طلقة سابقه ، والأصل في ذلك كله العامة الذين ألحقوا التعدد بذكر العدد لفظا أو ما يفيده بالتعدد الحسي الخارجي ، والمراد بقوله تعالى (١) ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ) لغة وعرفا إيقاع الطلاق مرتين المتوقف كل منهما على الزوجية ، ولو بأن يرجع بها بعد طلاقها.
وقد ظهر بذلك كله أن الأمثلة المزبورة كلها من واد واحد ، ولذا كان المحكي عن المبسوط وقوع طلقة واحدة بالجميع ، إلا أنه لا يخفى عليك ما فيه بعد ما عرفت من أن المتجه بمقتضى أدلة الحصر عدم الوقوع أصلا بشيء منها ، نعم لو فرض استقلال القصد على معنى قصد معنى الصيغة منها مستقلا والتعدد من الضميمة مستقلا اتجه الصحة في الجميع ، والتعليق المتصور في الأخيرين يتصور في غيرهما أيضا ، لكن من المعلوم عدم إرادته وإنما المراد من الجميع إنشاء التعدد بذلك على الوجه الذي ذكرناه سابقا.
هذا وفي المسالك « نبه المصنف بقوله : « سواء كان » إلى آخره على خلاف
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٢٩.