البشر معناه أنّ الناس في جميع الأزمنة سواء في أنّ حلاله على أهل الزمان المتقدم حلال على أهل الزمان المتأخر ، وكذلك حرامه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فإذا كان مفاد الرواية وظاهرا اتّحاد أهالي أزمنة المتأخّرة مع أهالي أزمنة المتقدمة في الحكم ، فتدلّ على اتّحاد أهالي الزمان الواحد في الحكم بطريق أولى ، إذ مرجع مفاد الرواية إلى أنّ خصوصيات الشخصيّة لأفراد المكلّفين ليست دخيلة فيما هو الموضوع بعد اتّحادهم في الصنف بالمعنى الذي تقدّم.
وأمّا احتمال أن يكون مفاد الرواية هو الاتّحاد في خصوص الحلّية والحرمة ، لا في جميع الأحكام فعجيب ، إذ الحلال والحرام كناية عن مطلق الأحكام ، مضافا إلى أنّ مئال جميع الأحكام ومرجعها إلى الحلال والحرام ، لأنّ الواجب تركه حرام وفعله حلال بالمعنى الأعم ، كما أنّ المستحبّ والمكروه فعلهما وتركهما حلال بالمعنى الأعم ، كما أنّ الحلال بالمعنى الأخصّ أيضا كذلك مثل المستحبّ والمكروه. فالحلال والحرام يستوعبان جميع الأحكام التكليفيّة كما أنّ الأحكام الوضعيّة أيضا تنتهي من حيث العمل إلى الحلال والحرام بالمعنى الذي ذكرنا لهما ، فافهم.
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فليبلغ الشاهد الغائب » (١).
ولا شكّ في دلالة هذا الحديث الشريف على اشتراك الغائبين مع الحاضرين ، وإلاّ لو كان الحكم خاصّا بالحاضرين لما كان وجه لتبليغهم ، لأنّه كان من تبليغ حكم غيرهم إليهم ، فلا بدّ وأن يكون الحكم مشتركا بينهم حتّى يأمر صلىاللهعليهوآلهوسلم الحاضرين بتبليغه إلى الغائبين.
وأمّا احتمال أن يكون مخصوصا بجماعة خاصّة من الغائبين مع الحاضرين ، لا عموم الغائبين.
__________________
(١) « الكافي » ج ١ ، ص ١٨٧ ، باب فرض طاعة الأئمّة ، ح ١٠ ، وج ١ ، ص ٢٩١ ، باب ما نصّ الله عزّ وجلّ على الأئمّة عليهمالسلام واحدا فواحدا ، ح ٦ ، « تهذيب الأحكام » ج ٤ ، ص ١٤٣ ، ح ٣٩٩ ، باب الزيادات ، ح ٢١ ، « وسائل الشيعة » ج ٥ ، ص ٤٣٥ ، أبواب صلاة الجماعة ، باب ٣٦ ، ح ٩.