وهذه النواقص محصّلات لتلك الحالة ، وحيث أنّ تلك الحالة ليست قابلة للتعدّد ولا للتأكّد ، فهذه النواقض لو وجدت مترتّبة وواحد بعد الآخر وفي طوله فبأوّل وجود منها تحصل تلك الحالة ، فيكون حصولها بعد وجودها بأوّل ناقض من تلك النواقض من قبيل تحصيل ما هو حاصل الذي هو محال ، فقهرا وجود سائر النواقض بعد وجود الأوّل منها يكون بلا أثر ولغوا من هذه الجهة.
ولكن هذا منوط بأن لا تكون تلك الحالة ـ أي القذارة النفسيّة ـ قابلة للتأكّد ، وإلاّ فبالثاني والثالث وهكذا تشتدّ. وإن شئت مثّل هذا بأنّ الطهارة المعنويّة والنورانيّة النفسانيّة التي هي إمّا مسبّبة عن الوضوء أو تكون عبارة عن نفس الغسلتين والمسحتين بمنزلة النور المتولّد عن سراج واحد أو عن اسرجة متعدّدة ، والنواقض بمنزلة هبوب ريح يطفأ ذلك السراج أو تلك الأسرجة ، فإذا انطفى ذلك السراج أو تلك الأسرجة بهبوب أوّل ريح ، فلا يبقى مجال لتأثير سائر الهبوبات بعد هبوب الأوّل ، وهذا المعنى مناسب مع إطلاق النواقض عليها فخذ واغتنم ، هذا في باب الوضوء.
وأمّا في باب الكفّارات ، فبالنسبة إلى كفّارة إفطار شهر رمضان لمن ليس له عذر ، فالمشهور قالوا بوجوب كفّارة واحدة في غير الجماع ، وإن تعدّد وجود المفطر ، وإن كانا من سنخين كالأكل والشرب ، مع أنّ الكفّارة التي هي المسبّب قابلة للتكرّر.
فيمكن أن يقال : إنّ السبب الكفارة هو الإفطار في نهار رمضان الصادر عن الصائم ، وهذا المعنى يصدق على أوّل وجود من المفطر ، وبصدوره من المتعمّد إلى الإفطار يبطل الصوم وينعدم ، فالوجود الثاني من المفطر ـ سواء أكان من سنخ الأوّل كالأكل بعد الأكل أو الشرب بعد الشرب ، أو كان من سنخ آخر كالأكل بعد الشرب أو الشرب بعد الأكل ـ لا يصدق عليه أنّه أفطر صومه ، لأنّه بإفطاره الأوّل أبطل صومه وليس بصائم بعد ذلك. ومن الواضح المعلوم أنّ موضوع الكفّارة هو إفطار الصوم ، لا مطلق الأكل والشرب مثلا في نهار رمضان وإن لم يكن صائما.