وحصّته وقفا ، فلو باع صاحب الشقص المطلق ليس بصاحب الوقف المالك له ـ أي الموقوف عليه ـ الأخذ بالشفعة ، وذلك لانصراف أدلّة الشفعة عن مثل هذا الملك وإن قلنا بملكيّة الوقف للموقوف عليه فإنّ ظاهرها كون ملك الشفيعين على نهج واحد ، لا أن يكون أحدهما ملكا طلقا يجوز لمالكه جميع التصرّفات الناقلة وغيرها ، والآخر ممنوع عن تلك التصرّفات.
وادّعى الشيخ قدسسره (١) نفي الخلاف عن عدم جواز الأخذ بالشفعة لمالك الوقف. وعلّل في الشرائع (٢) عدم الجواز بأنّه ليس مالكا له على الخصوص وإن كان واحدا حال البيع ، ضرورة قصد الواقف تمليك الموقوف عليهم في سائر الطبقات أيضا ، ولذا يتلقّون جميع الطبقات عن الواقف ، لا أنّ اللاحقة تتلقّى من السابقة.
والشفيع الذي له حقّ الأخذ بالشفعة في أدلّة جواز الأخذ منصرف عن هذا القسم من المالك ، وظاهر في كونه مالكا غير محدود ملكيّته بحال حياته ، ولذا لا يجوز له الانتفاع بأزيد من حال حياته ، فمنافع الوقف في الأزمنة المتأخّرة عن حياة الموقوف عليه لا يكون ملكا له. بل وكذلك لو باع ـ مالك الحصّة التي هي وقف ـ بأحد مجوّزات بيع الوقف لا شفعة لصاحب الطلق الذي شريك مع الوقف ، لأنّ ظاهر أدلّة الشفعة أنّ هذا الحقّ مجعول للشفيع الذي ملكه طلق إذا باع الآخر الذي أيضا ملكه طلق ، وحيث أنّ الشفعة خلاف الأصل ـ كما تقدّم ـ فلا بدّ من الأخذ بالقدر المتيقّن ، إذ ليس في الأدلّة إطلاق من هذه الجهة كي نأخذ به ويرفع به الشكّ.
فما ذكره بعض من التفصيل بين الصورتين ـ بعدم هذا الحقّ لو كان الموقوف عليه هو الشفيع ، وثبوته له لو كان الشفيع هو صاحب الملك المطلق ـ لا أساس له ، لاتّحاد الدليل في كلتاهما ، وهو انصراف أدلّة الشفعة.
__________________
(١) « المبسوط » ج ٣ ، ص ١٤٥.
(٢) « شرائع الإسلام » ج ٣ ، ص ٢٥٤.