شخص ، يجوز له الأخذ بالشفعة بإنشائه تملّك حصّة شريكه من دون حضور نفسه ، ومع ذلك طال غيابه فلم يعط في هذه المدّة الطويلة الثمن لذلك المشتري ، فالمشتري يده فارغة عن كليهما جميعا ، أي عمّا اشتراه وعن ثمنه ، فيتضرّر لأنّه ربما يترتّب على خلوّ يده عن الاثنين إضرار ، كما هو واضح.
لكن هذا المعنى غير صحيح ، لعدم جواز الأخذ ما لم يحضر بصرف إنشاء تملّكه للمبيع. وقد تقدّم أنّ الأخذ فوريّ ، وإلاّ فيسقط هذا الحقّ بالتأخير إلاّ بالمقدار الذي أذن الشارع أي ثلاثة أيّام إن كان الثمن في نفس المصر الذي يأخذ الشفيع بحقّ الشفعة ، وإن كان في بلد آخر فبالمقدار الذي يسافر إليه وينصرف وزيادة ثلاثة أيّام.
فظهر من جميع ما ذكرنا أنّ هذا الحقّ يثبت للغائب مثل الحاضر ، غاية الأمر حيث أنّ الأخذ به فوريّ وإلاّ فيسقط ، فإن لم يأخذ الغائب بحقّه زائدا على المقدار الذي أذن له في التأخير يسقط ذلك الحقّ ، لا أنّه ليس له الحقّ أصلا ، بل لو كان قادرا على الأخذ بنفسه أو بتوسّط وكيله وأخّر ولم يأخذ يسقط حقّه.
وأمّا إذا لم يكن قادرا إمّا من جهة غيبته وعدم علمه ، وإمّا من جهة عدم الوسيلة لإبلاغ المشتري بأخذه الشفعة ، أو غير ذلك من الجهات ، فهل يسقط حقّه بالتأخير أم لا؟ الظاهر عدم سقوطه في هذه الصورة ، لأنّه جعله الله له ولا يقدر على إعماله ، ومثل هذا لا يوجب سقوط الحقّ.
وأمّا القول بأنّ ثبوت هذا الحقّ على مال الغير مدّة طويلة ضرر عليه ، فقد أجبنا عنه ، فلا يبقى وجه للسقوط.
وقال في الغنية : فيستحقّ الشفعة من علم بالبيع بعد السنين المتطاولة بلا خلاف وإن كان حاضرا في البلد ، وكذلك حكم المسافر إذا قدم من غيبته. (١)
ويظهر من عبارته دعوى الإجماع على ثبوت الشفعة للغائب ولو علم بالبيع بعد
__________________
(١) « الغنية » ضمن « الجوامع الفقهيّة » ص ٥٩١.