كان هناك ثوب أبيض فتلفت قطعة منه ، فبانعدام تلك القطعة قهرا ينعدم البياض الذي كان حالاّ فيها لعدم بقاء معروضه ، وأمّا بياض سائر القطعات الباقية فلا وجه لانعدامه لعدم فناء موضوعه ، ومع الشكّ في سقوط هذا الحقّ عن الباقي كان الحكم هو البقاء بمقتضى الاستصحاب. وقد فصّلنا صحّة جريان هذا الاستصحاب في نظائر المقام في كتابنا « منتهى الأصول » (١).
ولكن ذهب المشهور إلى تخييره بين أخذ الباقي بتمام الثمن أو تركه فيما إذا كان التلف بآفة سماويّة ، أو كان قبل المطالبة بالشفعة وإن كان بفعل المشتري ، بل ادّعى في الغنية الإجماع على ذلك. (٢) وما ذكرنا كان ما تقتضيه القواعد.
ولكن عقد في الوسائل (٣) بابا لتلف بعض المبيع قبل أن يأخذ بالشفعة ، ولم يذكر فيه إلاّ ما رواه عليّ بن محبوب عن رجل قال : كتبت إلى الفقيه عليهالسلام في رجل اشترى من رجل نصف دار مشاع غير مقسوم ، وكان شريكه الذي له النصف الآخر غائبا ، فلمّا قبضها وتحوّل عنها تهدّمت الدار وجاء سيل جارف فهدمها وذهب بها ، فجاء شريكه الغائب فطلب الشفعة من هذا فأعطاه الشفعة على أن يعطيه ماله كملا الذي نقد في ثمنها ، فقال له : ضع عنّي قيمة البناء فإنّ البناء قد تهدّم وذهب به السيل ، ما الذي يجب في ذلك؟ فوقّع عليهالسلام : « ليس له إلاّ الشراء والبيع الأوّل إن شاء الله » (٤).
وظاهر هذه الرواية سقوط حقّ الشفعة في مورد تلف بعض المبيع بآفة سماويّة لقوله عليهالسلام « ليس له إلاّ الشراء » أي ليس للشفيع إلاّ الشراء كسائر الأجانب ، لا الأخذ بالشفعة ، والبيع هو الأوّل أي بيع المالك للنصف المشاع لذلك المشتري الأجنبي ، أي
__________________
(١) « منتهى الأصول » ج ٢ ، ص ٤٥٢.
(٢) « الغنية » ضمن « الجوامع الفقهية » ص ٥٩١.
(٣) « وسائل الشيعة » ج ١٧ ، ص ٣٢٣ ، أبواب الشفعة ، باب ٩.
(٤) « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ١٩٢ ، ح ٨٥٠ ، باب في الشركة والمضاربة ، ح ٣٦ ، « وسائل الشيعة » ج ١٧ ، ص ٣٢٣ ، أبواب الشفعة ، باب ٩ ، ح ١.