الثلث » (١) أي الثلث من تركتها ، ولا يصدق الثلث من التركة إلاّ على الثلث حال الوفاة ، لا على ثلث ماله في أيّ وقت من الأوقات.
وأيضا لأنّ حال الوفاة وقت تعلّق الوصيّة بالمال واستقرار الملك للوارث والموصى له ، لا حال الوصيّة ، ولذلك لو عاش الموصي زمانا طويلا بعد الوصيّة يكون جميع المال ملكا طلقا له لا يستحقّ الوارث شيئا منه ولا الموصى له ، فزمان استحقاقهما هو بعد الوفاة ، فلا بدّ وأن يكون التقدير بذلك اللحاظ وباعتبار زمان الاستحقاق وهو زمان الوفاة.
واستشكل في المسالك تبعا لجامع المقاصد على إطلاق هذه العبارة وقال : وهو يتمّ على إطلاقه مع كون الموصى به قدرا معيّنا كعين أو مائة درهم مثلا أو بجزء من التركة مع كونه حالة الموت أقلّ من زمان الوصيّة أو مساويا ، لأنّ تبرّعه بالحصّة المذكورة زائدة يقتضي رضاه بها ناقصة بطريق أولى ، أمّا لو انعكس أشكل اعتبار وقت الوفاة للشكّ في قصد الزائد وربما دلّت القرائن على عدم إرادته على تقدير زيادته كثيرا حيث لا يكون الزيادة متوقّعة غالبا (٢).
وفيه : أنّ ظهور الألفاظ حجّة في تشخيص المراد واستكشافه حتّى وإن ظنّ بالخلاف ، نعم لو علم بأنّ الظاهر ليس بمراد فيسقط عن الحجيّة ، لأنّ حجّية كلّ أمارة مقيّدة بعدم العلم بالخلاف ، بل ومع العلم بمؤدّاه ، لأنّ حجّية العلم ذاتيّة ، فلا يبقى محلّ لجعل الحجيّة مع العلم بمؤداه.
ولزوم القصد إلى التمليك في مقام التمليك وإن كان من المعلوم ، ولكن ظهور لفظه في أنّ مراده ما يكون اللفظ ظاهرا فيه يكون أمارة على أنّ مراده ومقصوده هو ما يكون اللفظ ظاهرا فيه. واحتمال أن لا يكون مراده ما هو ظاهر اللفظ ملغى في نظر
__________________
(١) تقدّم في ص ٢٥٧ ، رقم (١).
(٢) « المسالك » ج ١ ، ص ٣٩٣.