ومنع غيره عنه ، فإن كان لهذا الحقّ اعتبار عند العقلاء بحيث يمكن أن يكون وثيقة لدين المرتهن فلا يبطل الرهن ويبقى وثيقة عنده ، وأمّا إذا لم يكن قابلا للاستيثاق به فبقاؤه هنا لا معنى له ويكون لغوا ، فهل للمرتهن مطالبة عوضه كي يكون رهنا عنده أم لا؟
الظاهر أنّه ليس له مطالبة ذلك ، لأنّ الذي وقع عليه الرهن صار تالفا أو بمنزلة التالف ، ولم يشترط المرتهن أن يعوّضه شيئا آخر يكون رهنا عند تلف الأوّل بدلا له ، فليس في البين شيء آخر يلزم الراهن بذلك.
نعم لو انقلب إلى الخلّ بعد ما صار خمرا فهل يبقى على كونه رهنا ، أو يعود رهنا بعد ما خرج ، أو كونه رهنا يحتاج إلى عقد جديد لبطلان العقد الأوّل لعدم بقاء موضوعه وهو ملكيّة العين المرهونة والزائل لا يعود؟ وجهان.
وجه بقائه رهنا هو أن الملكيّة وإن زالت لإسقاط الشارع ماليّة الخمر ، ولكن حقّ الأولويّة باق ، ولذا لو أخذه بدون رضاء المالك يكون غصبا ، فإن رجع إلى كونه مالا يرجع إلى كونه ملكا لمن زال ملكيّته ، فكذلك بالنسبة إلى كونه رهنا أنّها تعود إلى حالتها الأولى ، وكونها رهنا بعد زوال تلك الحالة بواسطة إسقاط الشارع ماليّتها.
وبعبارة أخرى نقول : فكما أنّ الأولويّة باعتبار الملك باقية وإن خرجت عن الملك ، فيعود إلى كونها ملكا له بعد عودها إلى الملكيّة بواسطة صيرورتها مالا ، فكذلك باقية باعتبار كونها وثيقة ورهنا وإن خرجت عن كونها وثيقة ورهنا بواسطة سقوطها عن الملكيّة ، فتعود بعودها إلى الملكيّة.
وفيه : أنّ هذا قياس مع الفارق ، والفرق هو أنّ الملكيّة ، لا تزول بجميع مراتبها ، بل تبقى مرتبة ضعيفة منها تسمّى بالأولويّة ، ولذلك لو أخذه غيره منه بدون إذنه أو رضائه يكون غصبا ، ولذلك لو عاد ماليّته يصير ما كان مملوكا له بالمرتبة الضعيفة ملكا تامّا قابلا لجميع التصرّفات الجائزة تكوينا وتشريعا ، بخلاف الوثاقة والرهانة