إخوتك الصغار واعمل به » ومعلوم أنّ للأب جعل القيّم لولده الصغار بعد موته كي يدبّر أمورهم وشؤونهم ، وأيضا له أن يجعل أجرة له بإزاء عمله بما يرى من صلاحهم ، فإذا رأى من صلاحهم أن يجعل من يعمل في أموالهم بالمضاربة فله أن يوصى بذلك إلى رجل أمين عنده ويعيّن حصّته من الربح أجر عمله ، ولا إشكال في ذلك وفي فتوى المشهور بصحّة مثل هذه الوصيّة. وهذا إذا كان فتواهم في مورد الروايتين أو الوصية بالمضاربة في مال أولاده الصغار.
وأمّا الظاهر من بعض العبائر هو صحّة الوصيّة بالمضاربة على ورثته مطلقا ، كانوا بالغين أم صغارا ، كالعنوان الذي ذكرنا في أوّل هذا الفرع تبعا للشرائع (١) وهو قولنا : لو أوصى إلى إنسان بالمضاربة بتركته أو ببعضها على أن يكون الربح بينه وبين ورثته نصفان صحّ.
ولا شكّ في أنّ إطلاق الورثة يشمل الصغير والكبير ، وأيضا يشمل ما إذا كان ما عيّنه عن حصّة العامل ، أي نصف الربح أزيد من الثلث ، أو أقلّ ، أو المساوي.
ثمَّ إنّه ربما يأتي إشكال : وهو أنّه لو كانت الورثة كبارا فليس للموصي أن يوصي بالمضاربة في أموالهم ، خصوصا إذا كانت مدّة المضاربة كثيرة ، مثل خمسين سنة والربح الذي يعود إليهم قليل ، فيرجع المضاربة حينئذ إلى منعهم عن التصرّف في ملكهم مدّة طويلة إذا أوصى بتلك المدّة وقلنا بوجوب إنفاذ تلك الوصيّة لقوله تعالى ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ) (٢).
ولكن يمكن الجواب عن هذا الإشكال : بأن الوصيّة يمكن أن تكون صحيحة وتكون مشروطة بإجازة المالك إن كانت الورثة كبارا ، فإذا أجازوا فلا يأتي كلا الإشكالين ، لأنّها بإذنهم ، غاية الأمر في صورة بلوغ الوارث تكون الوصيّة مثل سائر
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٢٤٦.
(٢) البقرة (٢) : ١٨١.