فرضه محالا.
وقال ابن إدريس (١) ببطلان هذه الوصيّة لأنّه وصيّة بالباطل ، ووافق ابن أبي ليلى حيث قال لخالد بن بكير الطويل بعد ما سمع منه ما أوصاه أبوه من المضاربة والعمل في مال إخوته الصغار وأخذ نصف الربح لنفسه وإعطاء النصف الآخر لإخوته : إن كان أبوك أمرك بالباطل لم أجزه.
ووجه البطلان بأنّ الوصيّة لا تنفذ إلاّ في ثلث المال قبل موته ، والربح تجدد بعد موته ولم يكن له وجود قبل موته ، فكيف تنفذ وصيّة دخوله فيه.
وفيه : أنّ منافع ما يملكه الميّت قبل موته تصحّ الوصيّة فيها مع أنّها توجد بعد موته ، فلا يعتبر في صحّة الوصيّة وجود الموصى به قبل الموت ، بل الوصيّة تنفذ في ثلث ما يملكه الميّت ، سواء كان وجوده قبل موت الموصي أو كان من منافع ما يملكه وإن كان وجود تلك المنافع بعد موته ، فهي باعتبار أنّها تابعة لما كان يملكه قبل موته يصحّ الوصيّة فيها وإن كان حدوثها في ملك الوارث إذا وجدت بعد موت المورث.
وبعبارة أخرى : حينما كانت الأعيان في ملك الموصي وكان حيّا كانت تلك المنافع متوقّعة الوجود ، فلذلك تحسب من أمواله وتدخل في ثلثه ، خصوصا إذا كانت من قبيل الأثمار للأشجار أو الحمل للدابّة.
ولذلك لم يشكل أحد في جواز الوصيّة بهما وأمثالهما فكلام ابن إدريس وابن أبي ليلى لا أساس لهما ، فالروايتان ليستا مخالفتان للقواعد الأوّليّة في باب الوصيّة وقد عمل بهما الأصحاب ، فلا إشكال في حجّيتهما ولزوم العمل بهما ، أي في مورد الوصيّة بالمضاربة في أموال أولاده الصغار.
وأمّا إذا كانت الورثة كبارا وبالغين ، أيضا لا مانع من صحّة الوصيّة. نعم تكون من قبيل المعاملة الفضوليّة فتكون موقوفا على الإجازة ، من جهة أنّ المال بعد الموت
__________________
(١) « السرائر » ج ٣ ، ص ١٩٢.